: آخر تحديث

ماذا تريد إسرائيل وحماس؟!

3
2
2

خالد بن حمد المالك

إسرائيل بموافقتها على خطة السلام، وكأنها بذلك قد قدمت تنازلات، كرماً منها للفلسطينيين إرضاءً للرئيس ترمب، بدليل أنها (والكلام لـ ترمب) دخلت في خناقة مع الرئيس الأمريكي حتى توافق على بنود خطته للسلام، بضغوط منه، أجبر نتنياهو مكرهاً على القبول بها.

* *

ما نقرأه في الخطة أنها تخدم الجانب الإسرائيلي، وتُلبي طلباته، وبينها إطلاق الرهائن الإسرائيليين العشرين الأحياء دفعة واحدة، وإطلاق الجثامين، ونزع سلاح حركة حماس، وعدم تمكينها من أي دور في إدارة وحكم القطاع، مقابل إطلاق أقل من ألفي سجين، بعضهم يتم تهجيرهم خارج الأراضي الفلسطينية.

* *

إسرائيل هي من اختارت من تم إطلاق سراحهم من القائمة التي قدمتها حماس، ولم تستجب لكل الأسماء، ولم تلتزم بالعدد، وقد أبقت لها تواجداً أمنياً في مناطق عازلة، يجعل القطاع تحت رحمة نيران العدوان الإسرائيلي، وأعطت لنفسها حق إقفال المعابر، والقدرة على منع دخول المواد الغذائية متى شاءت.

* *

وإسرائيل لن تلتزم بأي إسهام في تعمير قطاع غزة، رغم مسؤوليتها في كل التهديم الذي تم ، ولم تنص الخطة على أي مكاسب فلسطينية مستقبلية كقيام الدولة، وحق تقرير المصير، ما يعني أن مغامرة السابع من أكتوبر أضرت بالقضية الفلسطينية، وجعلتها تتراجع إلى أن يشاء الله، ولعل ما هو منتظر يكون أفضل، ويحقق ولو بعض تطلعات المواطنين.

* *

الخطة وبعد عامين من الحرب الطاحنة التي قتل فيها قادة حماس والجهاد، وآلاف الأبرياء، لا تتحدث عن دولة فلسطينية ولا عن السلام الذي ينشده الفلسطينيون، وإنما فقط عن ذلك الذي يتيح للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء الحق في حياة من الازدهار، في ظل حماية حقوقهم الإنسانية الأساسية، وضمان أمنهم، وصون كرامتهم، وهذا كلام مبهم وغامض وضبابي.

* *

وهذا يقودنا إلى القول بأننا أمام مستقبل يلّفه الغموض بالنسبة للقضية الفلسطينية، وحتى تحقيق السلام في هذا الجزء الذي ظل في حالة انفجار منذ الأزمنة التاريخية القديمة، وعلى الفلسطينيين تنفيذ -وإن على مضض- ما ورد في الخطة طالما تمت الموافقة عليها من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

* *

صحيح أن الخطة جاءت مختصرة، ولكنها عبّرت عن المفهوم الأمريكي الإسرائيلي للسلام الذي يُبنى على إنهاء أي دور مستقبلي لحماس، وبالتالي لا أمل لحماس بأن تتراجع أو تتأخر في تسليم سلاحها، وإلا واجهت الجحيم، وهذا قرار أمريكي صارم يجب أن يُؤخذ على محمل الجد.

* *

وما من فلسطيني أو عربي أو مسلم أو حر، إلا وقد تأثر وتألم من تتابع المآسي الفلسطينية إثر تداعيات أحداث السابع من أكتوبر، فقد استثمرتها إسرائيل خير استثمار لتلقي بكل ثقلها وقوتها في ضرب كل من يُنكر عليها احتلالها وتعاملها مع الفلسطينيين، ودخلت في حروب بعدة جبهات وانتصرت فيها، مع حزب الله، وحماس، وإيران، وبقايا الميليشيات في سوريا، وهددت كل من يُفكّر في الانتصار لفلسطين.

* *

نتنياهو يتحدث عن أنه غيَّر وجه الشرق الأوسط، بعد نتائج حروبه في عدة جبهات، وهو حقيقة لم يُغير وجه الشرق الأوسط، وإنما قلّص هيمنة حزب الله على لبنان، وحيَّد إيران، وقضى على حماس، وزرع في سوريا مناطق نفوذ له بالتنسيق والتحالف مع الدروز، واحتل أراضي في سوريا ولبنان، وقضى على حلم إيران بمفاعل نووي.

* *

الصورة تبدو هكذا، وحماس التي فقدت الدعم الخارجي، وأسلحتها، وقياداتها، وتنظيماتها، ومحاصرتها في جزء صغير من أرض القطاع، لم يعد أمامها إلا الاستسلام وإن كان مذلاً، وتسليم سلاحها، تطبيقاً للخطة التي وافقت عليها، وعليها أن تُسرع بتسليمها، قبل أن تصل إلى كارثة كبرى.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد