: آخر تحديث

المسميات «المزيفة».. {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}؟

0
0
0

عبده الأسمري

تباغتني كثيراً «المسميات» الموشحة بمقدمات «التطبيل» الجاهزة في المنصات «العابرة»؛ مما يجعلني أمام «تحليل واجب» و»اندهاش مباغت».. فالصفة لا تتوافق مع الموصوف، والاسم لا يتفق مع المسمى، والمعنى يبتعد عن القيمة، والفرع لا ينتمي للأصل والمجال يخالف المنطق، والهدف يختلف عن الأساس.

ومن الحق والمنطق والعدل أن يسمى الناس بمسمياتهم وفق مكانتهم وشخصياتهم الاعتبارية وحرفتهم ومهنتهم وخبرتهم، وهذا من «المسلمات» ومن «البديهيات» ومن أصول «الحقوق» وفصول «الواجبات»..

صادفت أثناء اطلاعي لدقائق معدودات على منصات «التواصل الاجتماعي» حوالي خمسة «أسماء» وقد كتب بعضهم في «التعريف» الخاص بحساباته أنه «كاتب رأي»! وعندما بحثت عن تفاصيل خبرتهم ومسيرتهم وعطاءاتهم تفاجأت أن «الرأي» كان في مجموعات «الواتس أب» أو في صحف «إلكترونية» مغمورة تفتح باب «الكتابة» لكل من يستطيع سرد الأحاديث المشكلة في «دردشات» المحمول حتى إنني رأيت بعض «الحكايات» و»السوالف» التي أسموها «مقالة» مسجوعة بملصقات الورد والامتنان المبرمجة في الأجهزة؛ لذا تعجبت واستغربت كيف سمح هؤلاء بنسب «المسميات» الوهمية إلى أنفسهم.. وهم الأدري بوقعهم وواقعهم!

وبعد أن أخضعت الموضوع للتحليل تيقنت أن هذه «الفئة» لا تفرق بين المقالة والتقرير، ولا بين سالفة في جوال وبين رأي حرفي في صحيفة، وعلمت أنهم يجهلون تماماً بمسمى «كتابة الرأي» وتفاصيلها وأدواتها وشروطها.

وعلى نفس الاتجاه بعناوين أخرى وجدت ممن أطلقوا على أنفسهم مسمى الأدباء والأديبات وقد تربعت أسماؤهم في منصات مختلفة لإلقاء المحاضرات والأمسيات وامتلأت منصة (X) بعبارات التهاني والتبريكات للأديب «المتميز» والأديبة «المبدعة» مما يثير «الدهشة» وينشر «الاستغراب» والأدهى والأمر أن بعض هؤلاء ليس لديه أي منتج ثقافي أدبي بالمعنى «الدقيق» وإن كان هنالك من إنتاج فهو من «المؤلفات» العابرة المجموعة من «خواطر» الذات والتي باتت «كتباً» يتم الإعلان عنها وتجهز «منصات التوقيع» لها، بل وتقام لها «المناسبات» الثقافية وحفلات «التدشين» البائسة!

وعندما تبحث عن «التدريب» فالكل مدربون ومدربات، وباتت دورات «تدريب المدربين» حاضرة في كل «السير الذاتية» بمجرد الحصول عليها من معهد تدريبي ودفع «الرسوم» مع وجود «مسميات» منوعة؛ فهنالك مدربون ومدربات متخصصون في كل المجالات، مثل تطوير الذات، وجودة الحياة والطاقة، ومواجهة الأزمات ومجابهة الظروف وتجاوز العقبات والحصول على الأمنيات!

وتتوالى المسميات «المزيفة»، حتى أنني وجدت الكثير من دورات «الكتابة الإبداعية» يعدها ويقدمها أشخاص لا علاقة لهم بالكتابة؛ لأنهم ليسوا كتاباً بالمعنى الواقعي.

إضافة إلى أن المجال يتطلب احترافية عالية وخبرة وإتقانا ومخزونا إبداعيا حقيقيا ورصيد واقعي..

ومما يدعو للاندهاش والاستغراب والتعجب أن هنالك برامج في كتابة المحتوى ينفذها أشخاص لا يفرقون بين «التسويق» و»الكتابة» فقد اعتاد بعضهم الإعلان عن «متاجر» غذائية أو مطاعم أو عطور، وتجده ينفذ دورات خارج «التخصص» فيكتب عن «محفل معرفي» بذات السرد عن «منتج الهامبرجر»! والأدهى والأمر أن هنالك بعض الجهات تستعين بهم في إدارات الإعلام والاتصال، وهم قادمون من «مساحات التيك توك» وإعلانات السناب السوقية!

ختاماً.. احترام المسمى من احترام النفس.. ومن أسوأ «المسالك» أن يصف الإنسان نفسه بما ليس فيه!.. ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه..


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد