موسى بهبهاني
في لقاء مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني (النتن)، ذكر أن الحروب تطوّرت الآن، ففي السابق كان الاعتماد على السيوف والفرسان والخيول، وتطور الأمر إلى استخدام الأسلحة والمعدات الحديثة... إنما هناك سلاح أقوى من كل ذلك! وهو سلاح الإعلام وبرامج التواصل الاجتماعي (التيك توك - x تويتر سابقاً- وغيرهما من البرامج المختلفة).
الإعلام المضلل
هو علم يدرس في الكليات الجامعية الأجنبية ويختص بالتلاعب بالعقول وبنشر الإشاعات الكاذبة، والمستفيد الأول هو مروجها الذي يهدف إلى اصطياد المستهدف، والذي صُمِم الإعلام المُضلِل له، وذلك بنشر الإشاعات بين الشعوب لبث الفتنة والحقد والكراهية بطريقة غير أخلاقية لتحقيق أهدافهم الخبيثة.
وقيل في هذا المعنى: «أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطِك شعباً بلا وعي».
وهذا الإعلام حبله طويل، متقن الصنع حيث يأخذ حدثاً ما، ويحوله بدهاء محكم إلى اتجاه آخر يتناسب مع مصالح مروجيه، بحيث لا ينتبه الطرف المُستهدف، ويذعن مصدقاً من دون أن يعي أنه وقع في فخ المروجين.
وهذا الإعلام هو سلاح الحرب النفسية التي ترصد لها الدول الراعية ميزانية ضخمة وخطط مسبقة تأخذ في تقديرها الاحتمالات كافة.
ويتخذ هذا الإعلام صوراً وأشكالاً شتى، فتارة تراه على شاشات التلفاز والإذاعات، وبعضها يكون حكومياً أو ذا طابع حكومي، كما هو الحال في إعلام الكيان الصهيوني.
وتارة أخرى يكون على تطبيقات إلكترونية لا يخلو منها جهاز محمول ولا تفرق بين صغير وكبير، تتخذ منهجية مدروسة تغذي بها العقول بما تريده وتقودهم لتحقيق مآربها، فهم لا يتقصدون الجيل الحالي فقط، بل يسعون إلى خلق جيل متوافق مع أهوائهم، ويرى أن ما كان يراه الجيل الذي سبقه محرماً أو ظلماً بأنه أمر اعتيادي، بل يكون من أشكال الحرية.
وبالفعل شاهدنا ذلك جلياً في الإعلام المأجور، الذي سوق لذلك بامتياز، فانقلبت الموازين، يزيفون الحقيقة ليصبح القاتل هو الضحية والمحتل هو المدافع عن أرضه المغتصبة، وتحول الحق إلى باطل، والمظلوم إلى ظالم، والمقاوم إلى إرهابي، وهذا الإعلام الموجه ذو الأهداف الخبيثة، روج للفتن وأشعل الخلافات وبث الكراهية بين الشعوب وكل ذلك بسبب مصالحهم الآنية.
ونشير إلى أول من استخدم الإعلام المضلل وهو فرعون:
«قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ» غافر 29.
ذكر المولى عز وجل، بأن فرعون عندما كان يتحدث مع قومه كان يتلاعب بالكلمات ويستخف بهم، ويصور نفسه المخلص والساعي لمصلحتهم والحريص عليها ليخدعهم فيطيعوه، قال الله تعالى «فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ» الزخرف 54.
ونحن الآن نجد ذلك جلياً، حيث جُدّدَ ذلك النهج من قبل ممثلي الصهيونية العالمية، حيث خرج من يصور نفسه بأنه المخلص والحريص على مصالح الشعوب ساتراً نواياه الخبيثة الساعية إلى نهب أموال الآمنين بحجج واهية، وينصّب هذا الصهيوني نفسه زعيماً ويحاول فرض وصايته على الجميع!
تساؤلات
عندما يقوم هذا الكيان السرطاني الصهيوني بتدميره المتعمد للبنية التحتية والمنشآت الصحية والحيوية والمباني السكنية في الدول العربية والإسلامية (غزة، لبنان، العراق، سوريا واليمن)...
- لماذا يطلب من الدول العربية تحمل تكاليف إعادة إعمار تلك المناطق؟
- لماذا لا يتم إلزام المعتدي الصهيوني الذي دمّر كل شي بدفع تكاليف الإعمار؟
- ناهيك عن تصفية عشرات الآلاف من الأبرياء من الأطفال والنساء الآمنين في مساكنهم!
- لماذا القاتل الصهيوني لا يحاسب على جرائمه؟
- أمن المعقول أن نصدق بأن هؤلاء الصهاينة القتلة حمائم سلام؟
- هل نتمكن من نسيان ومحو كل تلك الدماء البريئة التي بلغت أكثر من 67869 شهيداً و170105 جرحى، أغلبهم من الأطفال والنساء، بينما لا يزال أكثر من 9500 مفقود تحت الركام أو مجهولي المصير؟
ختاماً:
الذكاء الاصطناعي كثير الاستخدام في زماننا، ما جعل من الصعب التحقق من صحة المحتوى، فما يُرى أو يُسمع قد يكون مفبركاً أو مختلقاً، لذلك من الأولوية حماية أبنائنا من الإعلام المضلل والمحتوى الضار على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتطلب الأمر ضرورة تضافر الجهود من قبل الأسرة والمدرسة والمجتمع لتوعية الأبناء وتحصينهم من الأكاذيب المضللة.
- موقف دولة الكويت على مر التاريخ واضح وجلي في نصرة الحق، خصوصاً في الأحداث التي تجري في فلسطين والذي يعتبر من أقوى المواقف المتفردة والمتميزة بين دول العالم. وهنا نستذكر الكلمة الخالدة للأمير الراحل صباح الأحمد - رحمه الله - (لقد بلغت من العمر عتياً ولا أريد أن أقابل ربي وأنا مصافح للصهاينة).
الواجب علينا كمسلمين، نبذ الطائفية والتوحد تحت كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، فالإسلام يجمعنا ولا يفرقنا كما يحاول الصهاينة تفتيت وزرع الفتنة الطائفية بين جموع المسلمين.
اللهم احفظ حكامنا وولاة أمورنا وأعنهم على مواجهة الأزمات بكل أشكالها.
اللهم احفظ أوطاننا من الحاسدين والحاقدين والطامعين والمغرضين والمتربصين الأشرار.
اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.