يدور حديث هذه الأيام حول اقتراح الاستغناء عن عمال محطات البنزين بحيث يقوم الزبون بالمهمة ويدفع الحساب.. ويكون هناك عدد محدود من المشرفين السعوديين وهذه الفكرة لو طُبقت ربما يتم بموجبها الاستغناء عن نحو 50 ألف عامل عادي، حيث إن عدد محطات البنزين تصل إلى 10 آلاف محطة بمعدل 5 عمال على الأقل.. وفي كثير من دول العالم لا توجد هذه الخدمة الهامشية التي ترهق صاحب المحطة.
والأهم من ذلك الأثر على الاقتصاد الوطني، كما أن هناك جانب مهم وهو تعويد الناس على خدمة أنفسهم بأمانة يعاقب من يخل بها.
وما دمنا أشرنا على الأعمال الهامشية التي يمكن الاستغناء عنها دون تأثير في مستويات الخدمة أو جودة الحياة، وضررها الاقتصادي (باستهلاك الخدمات) أكثر بوضوح من إسهامها في الإنتاج، وربما تكون صالحة للفئات غير المتفرغة تماماً مثل الطلاب والمتقاعدين، ومنها عمليات التوصيل من المحال التجارية والمطاعم التي يمكن تصنيفها أنها من الأعمال الهامشية التي يؤمل أن تخضع لدراسة حول أعداد الأجانب المشتغلين بها، وتقييم مدى الحاجة لهذا التوسع فيها، والنظر في إمكانية الاستغناء عن أغلبيتها لتحقيق أهداف إيجابية، منها تخفيف الازدحام والحوادث المرورية التي يتسبب فيها عمال التوصيل بسياراتهم ودراجاتهم النارية التي تكاثرت بشكل لافت للنظر.
ويضاف لذلك الأثر الاقتصادي والأمني أيضا، خاصة إذا علمنا أن عدد سائقي التوصيل من غير السعوديين حسب التقديرات الحالية يبلغ نحو 120 ألف سائق في جميع مناطق السعودية ولمعرفة زيادة تعدادهم يلاحظ عند البيت أحياناً أكثر من مندوب توصيل في الوقت نفسه.
وفي ذلك دليل على تعود الشباب بالذات على الكسل والاعتماد على الطلبات التي تصل لهم مهما كانت تكلفة التوصيل ولو تم تقنين العدد وحصرها على المواطنين لاعتماد الشباب على أنفسهم في إحضار طلباتهم.
وربما فكر بعضهم في أن يعمل في وقت فراغه في هذه المهنة التي لا عيب فيها.. وفي ذلك تعويد للشباب على العمل والالتزام بالمواعيد وتحقيق دخل حتى ولو قليل يساعد الشاب على مصروفاته الشخصية.
والشيء نفسه يمكن أن يقال على الأنشطة التجارية الهامشية التي تتكرر في كل حيّ وكل شارع بشكل عشوائي مثل مغاسل الملابس والتموينات الغذائية التي أصبحت بيئة لعدد كبير جداً من العمالة الهامشية التي تشكل عبئًا اقتصادياً وإداريًا دون قيمة اقتصادية مضافة، ولو استبدلت بمراكز خدمة مركزية في كل حي أو مربع داخل الحي تكون فيه محال الخدمة أكبر وأجود وتكون قادرة على تقديم فرص وظيفية للمواطنين.
وأخيراً: لا أدري لمن أوجه هذا المقال بعد وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المسؤولة عن تنظيم سوق العمل في جميع المجالات بما يضمن التوازن بين الاهتمام بالأعمال الرئيسية وتقليل الوظائف الهامشية للوافدين الذين يلاحظ تكاثرهم بشكل مستمر.. وتبقى الوظائف الفنية التي تتطلب بعض الخبرات النادرة لا أحد يعترض على الاستعانة بالوافدين فيها مؤقتًا.
ولعل الوزارات والهيئات ذات العلاقة بالجانب الأمني والاقتصادي تشارك في دراسات دائمة حول كيفية الاستغناء عن الأعمال الهامشية التي لا يؤثر الاستغناء عنها في جودة الحياة ويشجع الشباب على خدمة أنفسهم وأسرهم بشكل أفضل.