: آخر تحديث

لا سلام دون دولة فلسطينية

3
3
3

خالد بن حمد المالك

يستطيع الرئيس الأمريكي ترمب بعد تطبيق خطته للسلام، وإيقاف الحرب في قطاع غزة، والإفراج عن الرهائن لدى كل من إسرائيل وحماس، وفتح أبواب سجون إسرائيل أمام خروج الأسرى تتابعاً، أو دفعة واحدة، أن يُطور خطته لتكون مفتاحاً لقيام دولة فلسطينية، وحينئذٍ يستحق أن يحصل مستقبلاً على إجماع العالم بحقه في ترشيحه لجائزة نوبل للسلام.

* *

السلام هو خيار العقلاء في العالم، والحروب وتبعاتها وآثارها لا يسعى لها ويؤججها ويدعمها ويساندها، إلا من هو ضد السلام والاستقرار في العالم، وصاحب مواقف صادمة لا يرى أن للشعوب حقها في الأمن، والتمتع بالحياة، وعدم حرمانها من حقوقها الإنسانية.

* *

في خطة ترمب دعوة إلى إيقاف حرب الإبادة، وفك قيد المحتجزين من الفلسطينيين والإسرائيليين، وزرع بذرة للمضي بها هو أكبر نحو تحقيق السلام في منطقتنا من خلال هذه الخطة، لكنها لا تكفي، ولا تُغني عن قيام دولة فلسطينية، لأن حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة هو المشكلة التي بقيت دون حل، ومثَّلت تكرار الحروب، وقتل الناس، يساعد على ذلك انقسام دول العالم حول مفهوم الحل العادل لهذا الصراع التاريخي المدمر.

* *

الفلسطينيون لا يطالبون باسترداد ما احتل من أراضيهم عام 1948م وقيام دولة إسرائيل عليها، وإنما ما تم احتلاله لاحقاً في عام 1967م لتقام عليه الدولة الفلسطينية المنشودة وعاصمتها القدس الشرقية، مع ضمانات لإسرائيل تزيل عنها الخوف من تهديد لوجودها متى قامت الدولة الفلسطينية، كما هو ادعاء وتخوّف إسرائيل.

* *

إن خطة ترمب تفتح الطريق وتتيح الفرصة نحو الحل الشامل، مع تأجيل الفترة الزمنية لحرب جديدة قادمة، لكنها لا تحل أصل المشكلة، ولا تنهي سبب الصراع، ولا تضع الفلسطينيين أمام أمل كبير لقيام دولة لهم، وبالتالي فإيقاف الحرب وفقاً لخطة ترمب، لا يعدو أن يكون استراحة محارب ومقاوم فلسطيني ليس أكثر.

* *

والرئيس ترمب هو الوحيد القادر على إلزام إسرائيل بقبول مقترح خيار الدولتين، فأمريكا هي الداعم الأكبر لإسرائيل سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وهي المظلة لمنع أي قرار أممي ضد سياساتها العدوانية، ويزيد على ذلك أن ترمب هو الرئيس والحليف التاريخي بين كل رؤساء أمريكا الداعم لإسرائيل، بحسب تصريح رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو.

* *

وطالما أن قيام الدولة الفلسطينية يحل الصراع في المنطقة، ويجلب السلام والاستقرار فيها، وينعكس ذلك على مستوى العالم، فلعل الرئيس الأمريكي يكمل مشواره، وينتقل من الخطة إلى وضع قيام الدولة الفلسطينية على طاولة المباحثات، خاصة بعد اعتراف أكثرية دول العالم بالدولة الفلسطينية، بما فيها بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وغيرها.

* *

ونحسب أن قرار قيام دولة فلسطينية لو تم في عهد الرئيس ترمب، وخلال فترة ولايته الثانية، وبمبادرة منه، فسيكون بحق هو رجل السلام الذي لم يتكرر، والقائد التاريخي الذي أنصف شعب فلسطين المظلوم، ورد له اعتباره وحقوقه بعد حوالي ثمانين عاماً من الحرمان.

* *

إن خطة ترمب للسلام، على ما فيها من جوانب إيجابية مهمة ساهمت في إيقاف القتال، سوف تبقى دون قيام دولة فلسطينية خطة مُسكّنة، ومؤجلة للحروب القادمة، ولن تفضي أبداً إلى قيام دولة فلسطينية، ولن تكون هي مصدر السلام الذي لم يشهد التاريخ مثيلاً لها كما يصفها الرئيس ترمب.

* *

وإن الارتهان لما تريده إسرائيل، والقبول بكل شروطها ومطالبها، وإغفال حقوق الطرف الآخر، وتهميش شروطه ومتطلباته، سوف يبقي الصراع كما النار تحت الرماد، ما بقي الفلسطينيون تحت الاحتلال، ويتعرضون إلى القهر، والظلم، والتعامل معهم عنصرياً، وتضييق فرص العيش عليهم، وحرمانهم من حقوقهم، ومحاصرتهم في كل شؤون حياتهم، ما يجعلنا نحث وندعو القيادة الأمريكية بتحمّل مسؤولياتها في أخذ القرارات المناسبة للحل الشامل والعادل بين إسرائيل وفلسطين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد