: آخر تحديث

المهم هو النتائج السياسية

2
2
2

عماد الدين حسين

وافقت كل من إسرائيل وحركة حماس، وبحضور الوسطاء المصريين والقطريين في مدينة شرم الشيخ على خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن وقف الحرب في قطاع غزة، ويفترض أن يتم توقيع الاتفاق خلال الساعات المقبلة، والسؤال الذي يردده وسيردده الكثيرون هو: من الذي انتصر ومن الذي انهزم في معركة الـ 730 يوماً في قطاع غزة والمنطقة، هل هي حركة حماس أم إسرائيل؟

لا توجد إجابة نموذجية، وكل الإجابات ستكون نسبية حسب موقف كل شخص وانتمائه، وبالتالي ستكون هناك أكثر من وجهة نظر. ‏وجهة النظر الأولى تقول: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، حقق مكاسب استراتيجية لنفسه وبلاده من خلال العدوان، الذي شنه ليس فقط على غزة، ولكن على العديد من الجبهات سواء في لبنان وسوريا أو حتى اليمن وإيران، وهذا الرأي يتبناه نتانياهو وائتلافه الحكومي المتطرف، ومعه أيضاً بعض الكتابات والتحليلات الأخرى، وهي تقول إنه لا يزال الكاسب الأكبر من العدوان حتى الآن، لأنه تمكن من تدمير أكثر من 75% من مبانٍ ومنشآت ومؤسسات قطاع غزة، بما يجعله غير صالح للحياة لفترة طويلة، وقتل نحو 67 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 170 ألفاً آخرين بخلاف المفقودين، كما أنه تمكن من قتل معظم قيادات الصف الأول لحركة حماس والمقاومة في غزة ولبنان وإيران، والأخيرة دمر لها معظم منظومات الدفاع الجوي والصواريخ بعيدة المدى، وعطل برنامجها النووي لسنوات.

وبالطبع نحن نسمع ونشاهد نتانياهو يتفاخر كل يوم بهذه المكاسب، وأنه حارب وانتصر في 7 جبهات، وتمكن من تغيير خريطة الشرق الأوسط، وبدأ يعيد رسمها من جديد، بل إنه تجاسر وتحدث علناً عما أسماها خريطة إسرائيل الكبرى.

في الجهة الأخرى وجهة نظر معاكسة تقول: إنه رغم كل المكاسب العسكرية، التي حققها الجيش الإسرائيلي إلا أن نتانياهو متهم بالفشل الذريع في تحويلها إلى إنجازات سياسية على الأرض حتى الآن، ‏بل إنه كما يقول أصحاب هذه الرؤية تسبب في خسائر استراتيجية بعيدة المدى لإسرائيل، ستظهر آثارها حينما يتوقف القتال. من يعبر عن هذا الرأي ليس فقط أنصار الفصائل الفلسطينية، والعديد من المتعاطفين معها، ولكن نجد ذلك أيضاً موجوداً بصورة أو أخرى في داخل إسرائيل نفسها.

تالياً قراءة في 3 مقالات مهمة منشورة في وسائل الإعلام الإسرائيلية تحاول الإجابة عن نفس السؤال، الأول عنوانه: عامان على 7 أكتوبر.. خريطة الفرص انقلبت إلى خريطة تهديدات، وكاتبه هو تسفي برئيل في صحيفة هارتس، ويقول فيه: إنه بدلاً من أن تحظى إسرائيل بالتطبيع مع معظم الدول العربية فإن الذي حدث هو موجة من الاعترافات بدولة فلسطين، والسبب هو أن المكاسب العسكرية، التي حققتها إسرائيل في الحرب على غزة والمنطقة بقيت في المستوى التكتيكي، من دون أن تترجم إلى رؤية استراتيجية على المستوى الإقليمي أو الدولي، فلم تنشِئ تحالفاً دفاعياً إقليمياً إسرائيلياً عربياً أمريكياً.

المقال الثاني للكاتب بن كسبيت في صحيفة معاريف قبل الإعلان عن الاتفاق بيوم واحد وعنوانه: عامان على التقصير الأكبر: ما زال نتانياهو في منصبه والمخطوفون في الأسر، وجزء من نص المقال يقول: «كان ينبغي لهذه الحرب أن تنتهي منذ زمن طويل، الحرب على إيران توقفت بعد 12 يوماً، أوقفنا الحرب ضد حزب الله بعد بضعة أسابيع، وفي كلتا الحالتين حققنا إنجازات عسكرية باهرة. فقط في غزة أصررنا على الاستمرار حتى زوال الخطر، ربما المقصود زوال الخطر عن نتانياهو. لقد حققنا الردع في غزة منذ وقت، واستمرت الحرب حتى هذه اللحظة، بسبب دوافع سياسية لرهينة اسمه بنيامين نتانياهو».

وهناك مقال ثالث للكاتب آفي يسخروف، تم نشره في صحيفة يديعوت احرونوت، بعد الإعلان عن توقيع الاتفاق في شرم الشيخ وعنوانه لافت للنظر وذو دلالة وهو: الكل انتصر، والكل خسر، إنها عبقرية الوساطة الأمريكية، وجاء فيه نصاً: «في النهاية أدى الفريق الأمريكي واجبه في الوساطة، ويستطيع الطرفان أن يعلنا في الداخل أنهما حصلا على ما أراداه، ويزعمان أنهما انتصرا، مع أنهما ما زالا بعيدين عن الحصول على ما يريدانه. نجحت حكومة إسرائيل في الحصول على ما كان يعتبر مستحيلاً حتى وقت قريب بإطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء والجثامين، من دون انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة.

في المقابل حصلت حماس على وقف لإطلاق النار، وعلى ما يبدو أيضاً، على ضمانات دولية من النوع، الذي سيكون من الصعب على إسرائيل خرقه، أي أنها لن تهاجم القطاع مجدداً ما دامت المفاوضات مستمرة بشأن المراحل اللاحقة من صفقة ترامب، ومن المرجح أن تستمر هذه المفاوضات وقتاً طويلاً، كما ستحصل حماس على مساعدات دولية لإعادة إعمار القطاع، وستتاح لها استعادة نفوذها الإداري هناك. الأهم من كل شيء، هو أن حماس حصلت على اعتراف دولي لم يسبق أن حظيت به من ذي قبل، وعلى إنجازات سياسية يلاحظها العالم أجمع، منها عزل إسرائيل سياسياً والاعتراف مجدداً بالقضية الفلسطينية».

هذه هي الآراء الأولية سواء علي خطة ترامب أو اتفاق شرم الشيخ، ومن الواضح الإشارة إلى قاعدة أساسية، وهي أن نتيجة أي معركة لا تحسمها فقط النتائج العسكرية بل السياسية أيضاً، وبالتالي فسيكون أمامنا وقت حتى نستطيع الإجابة عن السؤال الذي بدأنا به هذا المقال. المهم الآن أن الحرب توقفت.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد