كان لنا خالٌ عاش وتوفي في الولايات المتحدة، ولم نتعرف إليه، وإنما سمعنا كثيراً من «خبرياته» وكلها عن طرائف مخالفاته للقانون. وفي إحداها أنه كان مرة يحاكَم بتهمة مخالفة قوانين السير. وخلال المحاكمة، دخل شرطي القاعة وهو يصرخ عالياً: يا حضرة القاضي، هناك سيارة واقفة في منتصف الطريق تعرقل حركة السير، فمَن هو صاحبها؟
أُفرج عن حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، الموقوف بتهم اختلاس وتبييض أموال، لقاء كفالة أسطورية قدرها 14 مليون دولار. من أين جيء بهذه الكمية من المال، وكيف نُقلت، وهل يتعاطى القضاء اللبناني «بالكاش» مثل الصيارفة؟. يجب أن نسأل خالي في ديترويت.
أمام القانون في لبنان جملة من قضايا الزوال والبقاء، بينها السطو على ودائع 900 ألف بشري، ومنها قتل 200 إنسان، وإصابة 6 آلاف، وتشريد 100 ألف في انفجار مرفأ بيروت. هل تعرف على مَن أُقيمت أكثر الدعاوى والملاحقات؟. على قاضي التحقيق. هل تعرف التهمة؟. الإصرار على التحقيق.
ظهرت القاضية السابقة غادة عون في «المشهد» مع الزميل طوني خليفة، لتتحدث عن قضايا غسل وتبييض أموال بمليارات الدولارات. ووجهت التهم إلى بعض القضاة. وأكدت ما يعرفه، أو يشتبه به الجميع، وهو أن القانون أحياناً للخارجين عنه، ومحتقريه، وكارهي وجوده.
لا تترك رداءة السياسة في لبنان كثيراً لاستقلالية القضاء. ففيه يُقتل الرؤساء والزعماء من دون أن يُسمَح لذويهم حتى بالحصول على تقرير في الجريمة، يتذكرون به أنه كان لهم أب، أو ابن، يحلم بلبنان أفضل من الذي قرره رستم «غزالي» و «بنك المدينة».
تقول القاضية عون إن هناك 8 مليارات دولار «أهديت» إلى بنوك كبرى. وهو حدث علني معروف. لكنها لا تذكر بالمناسبة أنه عُرض على المودعين استرداد أموالهم مقسطة، 400 دولار في الشهر على 3 أو 4 قرون.
مؤلمة متابعة أخبار لبنان. ليس مفرحاً أبداً أن ترى حاكم المصرف المركزي، ووزراء، وموظفين كباراً في التوقيف. وتشعر بذروة الاحتقار كإنسان ومواطن، عندما تدرك مدى خوف الضعفاء أمام هذه الصفاقة. في الألمانية عبارة تُستعار في جميع اللغات: «Kaput». كل شيء معطل.