أحمد المغلوث
أهدت وزارة الثقافة ومن خلال وزيرها صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان للوطن بشكل عام وأهل الثقافة والمبدعين خبر تأسيس جامعة الرياض للفنون، وماسوف تشتمل عليه من كليات مختلفة تؤسس لنهضة إبداعية وفنية كبرى.
والحق أن الفرحة بهذا الخبر المتميز توقيتا ومناسبة كونه أعلن على هامش احتفال الوطن كل الوطن بيومه الوطني الأغر.. وكما يقال تأتي متأخرا أفضل من لا تأتي.. والحمد لله فكل تأخيرة لاشك فيها خيرة وتميز خاصة وخلال الأيام القليلة الماضية تم اكتشاف رسوما مختلفة في هذه الأرض الطيبة والمباركة وبين فترة وأخرى يكتشف رجال التنقيب أكانوا سعوديين أم شركات تنقيب أجنبية العشرات من الرسوم القديمة والنقوش الصخرية والمنتشرة منذ الاف السنين في مواقع أثرية هامة في حائل وفي منطقة حمى الثقافية..
وقبل عقود اكتشفت آثار ولقى في منطقة الفاو، وفي متحف الرياض نجد عشرات من الأشكال والرموز والتحف والنقوش والخطوط التي تؤكد على أن الإنسان في أرضنا الطيبة ومنذ القدم كان موهوبا وفنانا عفويا يبدع من خلال موهبته وقدراته التي جعلته يرسم ويزخرف، بل وينحت ويبدع في العمارة والبناء كما في منطقة «العلا» وهذا يجعلنا نكتب ونشير كما كتب، وأشار الأقدمون من المؤرخين والباحثين أن أرضنا هي: (أرض حضارة عربية» خاصة استطاعت أن تصدر إبداعها وحضارتها إلى الشمال وصولا إلى أرض الأناضول وغربا إلى إفريقيا، كما تؤكد ذلك مختلف الدراسات التاريخية فما تحقق في الاندلس من حضارة إسلامية وفنية في العمارة والزخرفة والخطوط ما هو إلا وليد ما نقله الأجداد الذين هاجروا من الشرق إلى الغرب مرورا بشمال إفريقيا ووصولا إلى الأندلس. كل هذا وذاك يؤكد على مساهمة أبناء الجزيرة العربية في نقل ابداعهم إلى كل الدنيا. والقاسم المشترك في هذا الابداع المتوارث في فنون العمارة في أوربا أو «القارة العجوز» قد استلهمت من فنون العمارة العربية والإسلامية الكثير فتجد ذلك واضحا في قباب كنائسها وأروقة قصورها وحسب ما هو موجود، بل موثق أن الإنسان: عاش في هذه «الجزيرة العربية» منذ العصر الحجري. وبالتالي أهتم بنقش ما يشاهده من حيوانات تعيش بالقرب منه أو كان يقوم بتربيتها والاستفادة من حليبها ولحومها وحتى ركوبها. ولم يتردد أن يرسمها على جدران الصخور والجبال.
نستخلص من هذا أن الإنسان في منطقتنا العربية هو امتداد للإنسان القديم، وبالتالي فهو يحمل جينات فيها الكثير من الإبداع والموهبة والقدرة التي توالدت وتواصلت أبا عن جد. وبالتالي فأرضنا الطيبة جديرة بوجود جامعة: (جامعة الرياض للفنون) وكما يشير كثير من علماء التاريخ أن مهد الجنس السامي هو «جزيرة العرب» ومن هنا نجد أن أرضنا الطيبة تتمتع بموقع إستراتيجي متوسط اكسبها الكثير من المعرفة من خلال تلاقح الحضارات والهجرات إليها وضاعف من ذلك كونها طريق التجارة منذ آلاف السنين عبر الطرق الملاحية التي تصل الغرب بالشرق، وكان مينا العقير حلقة وصل وهجرات إلى الهند والشرق الأقصى حيث التجارة وغير ذلك..
وكما هو معروف تاريخيا أن الشعوب العربية أساسها أو منبتها «جزيرة العرب» وبات العرب الأهم والأعز ممن تبقى من الساميين.. وورثوا الابداع جيلا بعد جيل، وها هي «جامعة الرياض للفنون» تفتح صدرها لتستقبل أبناء هذا الوطن الشامخ والمتجدد من الموهوبين أو الذين لديهم ميول لأعمال فنية وإبداعية بحاجة ماسة لسبر غورها والتمكن من الاستفادة مما تزخر بها الجامعة من كليات متعددة ولاشك أن تعليم الفنون يساهم في تطوير وتمكين القدرات الشبابية ومن كلا الجنسين، وتعلم المزيد من المهارات واستكشاف مهارات وتقنيات جديدة تفيدهم في العملية الإبداعية.
وألف مبروك جامعة الرياض للفنون!