: آخر تحديث

المعقول واللا معقول

1
1
0

عثمان بن حمد أباالخيل

في حياتنا الاجتماعية هناك المعقول واللا معقول، ويختلف مفهوم ذلك حسب الموقف والزمان ونبرة الصوت، والحديث، والمكتوب. الكثير من الناس يستغرب لكنه يعرف المقصود لكنه يتجاهله بهدف البعد عن دائرة السؤال والابتعاد عن الشك. معقول العقل يقبل ولا تقبل به النفس الأمَّارة بالسوء. كثير من المواقف في حياتنا حين التعامل مع الناس على اختلاف أعمارهم وجنسهم وجنسياتهم وثقافتهم ودينهم التي تصدمك وتأخذك إلى السؤال: هل هذا معقول؟ نعم معقول فنحن نعيش في دائرة اللا معقول، الدائرة التي يعيش في داخلها أناس غير معقولين.

التنازل غير المعقول دليل على تمسك الإنسان بغير المعقول والقبول به والتعايش معه وتزيِّنه لينفذ من دائرة اللا معقول. نحن نتنازل حين يكون التنازل معقولاً ويقبل به العقل ولا يخدش الكرامة الإنسانية والمواقف التي يسجلها تاريخ الإنسان وتحفر في ذاكرته (في أحد الأيام، ستتنازل مجبرًا عن بعض أحلامك، حتى تعيش واقعك) جبران خليل جبران. تلفّت من حولك أيها الإنسان لنْ تتعب في التعرّف ومقابلة الكثير من الناس الذين يتنازلون عن قيمهم في سبيل البقاء حيث يريد ولا تريده مبادئه. هل من المعقول أن يتنازل الإنسان عن قيمه الإسلامية مقابل أهواء دنيوية؟ هل المعقول أن يقبل الموظف أخطاء مديره لينعم بترقية أو علاوة مجزية؟ هل من المعقول أن يحب الإنسان ويخون في نفس الوقت؟ هل من المعقول أن يرتكب مهندس الإشراف أخطاء هندسية فظيعة من أجل بعض المال؟ هل من المعقول أنْ تجامل الآخر من أجل كلمة شكر، هل المعقول لا تجدون وتعرفون الكثير غير المعقول في حياتكم.

الكلام الجميل يجذب الناس لقائله ويفتح أبواب المحبة والتفاهم، فهناك أقوال أجمل من كل الدرر، وبعض الكلام إن وزنته تجده أغلى من الذهب لا بل أغلى من أحجار الألماس الملونة، هذا حين يكون الكلام معقولاً وموزوناً ويبقي الإنسان في منزلة رفيعة بين الناس، والأهم عند نفسه. التنازل المعقول أمر محبب ومطلب معقول لتبقي العلاقات مع الآخرين في قمة سلّم المعقول، والإفراط في التنازل طريق موحش يأخذ الإنسان إلى دوامة إلى متى أتنازل.

التنازل في حدود المعقول معقول وليس التنازل الذي يجرح النفس ويؤلمها وينتزع الإنسانية، وإن لكل إنسان شخصيته المميزة ونظرته الخاصة إلى الحياة، وهذا الاختلاف ليس صفة مذمومة أو قبيحة؛ بل على العكس، فالاختلاف من سنن الحياة لكن المعقول يبقي معقولاً وغير المعقول يبقي في دائرة لماذا؟ دعوة لتعلّم فن التنازل ومتى وكيف يكون، جميل أنْ يعي ويدرك المتنازل ويقدر حجم التنازل الذي قام به شريكه، ومن هنا تلتئم الجروح وتنفرد الأشرعة وتسير المراكب قدماً. نعم... بارعون هم من يتقنون فن التنازل.

همسة:

(التنازل ليس ضعفاً، بل ثقة بالنفس وإدراك للواقع).


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد