: آخر تحديث

ماذا ستكتب؟

3
2
3

في الأوقات الصعبة، ماذا ستكتب؟

لمدة أسبوع انغمست في مشاهدة لقاءات كاتبي المفضل أمين معلوف على اليوتيوب، لقاءات من برامج مختلفة ومن محطات مختلفة، أحدث لقاء فيها كان قبل خمس سنوات، لكن حديثه لم يتغير، مواقفه لم تتغير، في كل تلك اللقاءات، وأعتقد أنني لو أجريت معه لقاء الآن، فلن تتغير كلماته أيضاً.

وأنا أحاول أن أكون بهذا الهدوء، أن أعرف يقيناً أنني لا أملك إجابات بقدر ما أملك أسئلة، أن ما يجري حولي لا أستطيع أن أعلق عليه، لأنني أنظر إلى الكتابة بشكل أعمق، ولأنني أحياناً لا أفهم، هكذا بكل بساطة، لا أفهم، ومن الصعب عليّ أن أمتشق قلمي وأكتب كلمات كبيرة وأنا لم أفهم بعد.

وأنا أحضر اجتماعات لودج مهرجان البحر الأحمر الذي بدأ بالأمس، والذي يشارك فيه سينمائيون من مختلف أنحاء العالم، اتفق الجميع على أننا نعيش أياماً صعبة، وأن ما يحدث في العالم مريع، عالمنا العربي بالذات، منطقتنا بالذات، واتفقنا جميعاً أننا نلجأ للفن، لأنها الطريقة التي اخترنا بها أن نعبر عن أنفسنا وعن رأينا فيما يحدث في العالم.

هل يغير الفن العالم؟ هل تغير الكتابة العالم؟ ربما، لم أعد على يقين بأي شيء، لكنني أعرف أن الفن يغيرني أنا، وأن الكتابة تؤثر فيّ لأبعد حد. ربما هذا ما يمنحني القدرة على الاستمرار، ربما، لو أن كتابتي لمست شخصاً واحداً، لو كلماتي منحت أحداً الرفقة، ربتت على وجعه، أو لو جعلته أقدر على فهم نفسه، طمأنته قليلاً، أسعدته قليلاً، ربما، ربما، هذا ما يجعلني أكتب.

لن أكتب تعليقاً على الحروب، ربما كتبت رواية عن الحرب، في الرواية تستطيع أن تقول كلاماً كثيراً، تدين فيه الحرب، تتحدث عن قسوتها وكيف تكسر الإنسان وكيف تغير كل شيء فيه، أو توضح كيف كانت ضرورية، ولماذا كانت ضرورية، في الرواية تستطيع أن تضع كل النظريات حول الحروب ولماذا تكرهها، ولماذا تتصور أن البشر قادرون على العيش بدونها، بإمكانك أن تحاور شخصاً يقلل من رؤيتك للعالم، تجيبه بيقينك، وتسمع منه ويسمع منك، كل هذا ممكن في الرواية، لكن في الواقع، لا يمكنك أن تفعل ذلك، كل كلمة تقولها ستجد من لا يتحاور معك، في البدء يصنفك، يضعك في جانب ما، ثم يبدأ بالحديث معك من هذه الزاوية، وغالباً ما سينتهي الكلام بشتمك أو تخوينك، مهما كان رأيك، سيكون هناك مؤيد يشدد على عقلك الراجح، وهناك معارض سيتهمك بالخيانة والفساد. أعترف أنني أختبئ. أفكر في هذا العالم المجنون. وأقرر بكامل قواي العقلية أن أبتعد.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد