سلطان ابراهيم الخلف
بإعلانه الحرب على إيران، يكون بذلك الإرهابي نتنياهو، قد صرف الأنظار عن أزمته السياسية الخانقة التي حلّت به بعد تعثره في مستنقع عدوانه على غزة، الذي لم يحقق أهدافه في القضاء على «حماس»، وتحرير أسراه، بل زادت من حنق الصهاينة عليه، ووصمه بالكذاب، والفاشل، وصار ملاحقاً بالمظاهرات اليومية التي تطالبه بوقف الحرب، والاتفاق مع «حماس» على إطلاق سراح الأسرى.
فبعد أن كان شعاره القضاء على «حماس»، التي يدعي أنها تهدّد وجود كيانه، تحوّل إلى ترديد شعار تدمير المنشآت النووية الإيرانية بحجة أنها خطراً يهدّد بتدمير كيانه. يشعر الإرهابي نتنياهو بشيء من الارتياح في حربه مع إيران حيث اختفت المظاهرات التي تؤرقه يومياً، مع صافرات الإنذار التي تحذّر من موجة الصواريخ والمسيّرات الإيرانية التي تتساقط على مدنه، وصار الصهاينة يتوافدون على الملاجئ، ولم يعودوا مهتمين بأزمتهم السياسية الداخلية، وقد نقلهم إلى مواجهة خارجية مع إيران، كما حوّل أنظار العالم عن جرائمه اليومية في غزة، حيث يتساقط العشرات من الفلسطينيين بين قتيل وجريح، أمام مراكز المساعدات الإنسانية التي نصبها الصهاينة لهم، لخداع العالم.
كما استطاع الإرهابي نتنياهو توريط الأميركان بشكل مباشر في حربه على إيران، حيث اضطر الرئيس ترامب، بالسماح بضرب المنشآت النووية في فوردو، ونطنز، وإصفهان، بالقنابل الثقيلة من أجل تدميرها، مع ما لذلك من إحراج كبير لترامب أمام ناخبيه، حيث أخلف وعده بعدم الانزلاق في الحروب العسكرية، وكان قد وصف الحرب على العراق وعلى أفغانستان بأنهما حروب عبثية عديمة الجدوى ومضرّة بمصالح بلاده، وصارت توجّه إليه انتقادات شديدة من الشخصيات السياسية وعلى رأسها مستشاره السابق في البيت الأبيض ستيف بانون.
كما أثار التدّخل الأميركي خلافاً عميقاً بين ترامب والاستخبارات الوطنية الأميركية، التي نفت سعي إيران لصنع قنبلة نووية، بينما يصرّ ترامب على قبول تقارير الاستخبارات الصهيونية في سعي إيران لصنع القنبلة، وهو بذلك يطعن بمصداقية استخباراته الأميركية.
هناك العديد من الدول التي تمتلك قنابل نووية وتقنيّات صناعتها، وهذا لا يعني أنها بذلك تهدّد وجود الدول الأخرى. فباكستان لا تهدّد وجود أحد، ولا كوريا الشمالية أو روسيا أو الصين تهدد وجود الولايات المتحدة الأميركية، أو العكس. ولو كان الأمر كذلك لقامت الولايات المتحدة بضرب المنشآت النووية في كوريا الشمالية المعادية لها، كما فعلت مع إيران. لكن يبدو أن عملية الهجوم الأميركي على منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية كانت فرصة أسهل للتباهي بالتقنيات العسكرية الأميركية الحديثة من طائرات B2 وقنابل الخنادق الثقيلة GBU57.
وقد أثنى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركي على نجاح عملية «مطرقة الليل»، وأشاد بمعاييرها العسكرية الدقيقة، كما أشاد بها وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، وامتدح رئيسه ترامب على إقدامه بتنفيذها بقوله «عندما يتحدث الرئيس، فعلى العالم أن ينصت»!
قد يكون تجريب القدرات العسكرية الأميركية وقياس مدى نجاحها، فيما لو تم إعادة عملية «مطرقة الليل» على المسرح الكوري الشمالي، حيث الشبكات الرادارية الكثيفة، والصواريخ الباليستية النووية!
ضرب المنشآت النووية هي جريمة حرب خطيرة، تؤدي إلى تسرّب الإشعاعات النووية، وتلّوث البيئة، وتهديد حياة شعوب دول الخليج، وقد عانت أوكرانيا من كارثة تسرّب إشعاعات مفاعل شرنوبل في الثمانينيات، ووصلت إشعاعاتها بعيداً إلى غرب أوروبا.