: آخر تحديث

الإيراني الطيب... حكاية جعفر!

5
3
4

حمد الحمد

في الستينات والسبعينات لم نكن نرى حولنا إلا العمالة الإيرانية، وكانوا يتميزون بحسن التعامل والأمانة والإخلاص في العمل وقلة الكلام ونجدهم في البناء وأعمال أخرى.

حكاية خيبر أو جعفر الذي أصبح جزءاً من العائلة كان أحد الإيرانيين، كما ذكر لي أنه جاء شاباً يافعاً للكويت في بداية الخمسينات وعمل في كهرباء المباني أولاً كعامل وبعد ذلك كمقاول، كنت طفلاً صغيراً وأراه في ديواننا وكأنه أحد أفراد العائلة.

رجل طيب حاول أن يختلط في مجتمعنا حيث تراه أول المباركين بالأعياد وأول الجالسين في الديوان وتسمع صوته بلهجته المكسرة، وعندما كوّن أسرة كان يأخذ زوجته وبناته لزيارة الأهل بين فترة وأخرى، ولم يقطع تلك العادة حتى آخر عمره.

حدثت الثورة الإيرانية وكانت كارثة شخصية عليه ليس من جانب سياسي، إنما من جانب مالي، حيث كان يودع كل أمواله التي جناها طوال عمله في الكويت في بنك إيراني في طهران، وعندما جاء حكم الملالي تحولت أمواله في البنك إلى إفلاس لا تغني من شيء، تحسر لكن ماذا يعمل ليس له حيلة ولا قوة، بينما أقرانه كسبوا عندما وضعوا أموالهم في عقارات وأراضٍ.

استمرت علاقته معنا رغم أنه توقف عن كسب الرزق بسبب الكبر وقلة النظر، وكان عليه أن يترك الكويت، وتركها... لكن لا تمُرّ فترة إلا ويتصل هاتفياً ويسألني عن أفراد أسرتنا واحداً واحداً، آخر مكالماته كان يشكو من المرض والكبر وهو يسكن في شقته مع زوجته وبناته في طهران، ويبشرني بأن ابنه تخرج طبيباً.

من سنوات عدة، انقطعت اتصالات خيبر الذي كان يفضل أن نناديه جعفر، وقد يكون غادر دنيانا، رحمه الله، حيث إنه قد تجاوز التسعين من العمر من سنوات عدة.

في هذه الأيام تشتعل حولنا الحرب بين إسرائيل وايران، ويأتي الرجل الطيب في الذاكرة ومحاولة الاتصال به لو كان حياً أو أحد أفراد أسرته، ولكن يتعذر ذلك فقد اختفى رقم هاتفة من ذاكرة هاتفي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد