: آخر تحديث

إسرائيل واجهة للشر

3
3
3

محمد مفتي

على الرغم من اختلاف بعض الرؤى والأهداف بين السياسة الإسرائيلية ومثيلتها لدى حلفائها من الدول الغربية، إلا أن هناك دلائل واضحة يسهل استنتاجها بأن إسرائيل هي شوكة مزروعة في خاصرة دول الشرق الأوسط، وهي الأداة التي يمكن من خلالها تحقيق أهداف الأجندة الغربية وتحويلها لواقع سياسي معين وفرضه على دول المنطقة، وقد تقاطعت مصالح الدول الغربية مع مصالح إسرائيل ورغبتها الجامحة في التوسع خارج حدودها، من خلال الاستيلاء على المزيد من الأراضي المحتلة وتهجير الفلسطينيين، وما الانتقادات التي تطلقها بعض الدول الغربية على بعض السياسات الإسرائيلية (وخاصة بعد أحداث غزة الأخيرة) إلا لذر الرماد في العيون، وللادعاء بأنها ليست راضية -بعض الشيء- عن الممارسات الإسرائيلية أمام حلفائها من دول الشرق الأوسط.

كثيرة هي الأحداث التي استُخدمت فيها إسرائيل كرأس حربة لضرب بعض دول الشرق الأوسط، أو لتحقيق أهداف غربية لممارسة نوع من الضغوط السياسية على دول المنطقة، ولو عدنا للصراع الأخير بين إيران وإسرائيل فسنجد أن الإدارة الأمريكية أعربت -بشكل غير مباشر- عن تأييدها للهجمات التي قامت بها إسرائيل ضد إيران، ولعل تصريحات المسؤولين بالإدارة الأمريكية أن إسرائيل استخدمت الطائرات والذخائر الأمريكية الصنع لأبلغ دليل على أن الهجمات الإسرائيلية تحظى بدعم أمريكي من خلف الستار.

كما أن تصريحات بعض رؤساء الدول الغربية وتلميحهم بعد قيام إسرائيل بضرباتها بأن امتلاك إيران للسلاح النووي غير مقبول يعد إشارة لإلقاء اللوم على الجانب الإيراني، ويمثل في نفس الوقت دعماً غير مباشر للعملية الإسرائيلية، وهو ما شجع حكومة نتنياهو للتصريح بأن أمامها الكثير لإنجاز مهمتها في إيران وأن القادم أسوأ من كل ما سبق، ولعل خوض إسرائيل للحروب على عدة جبهات في سوريا وإيران واليمن ولبنان وغزة يستنزف يومياً آلاف الذخائر الإسرائيلية الأمريكية الصنع، ومن الصعب تصور عدم قيام الإدارة الأمريكية بتعويض النقص الناتج عن استخدام إسرائيل لهذه الذخائر.

لعل إسرائيل من خلال ضرباتها للمنشآت النووية الإيرانية أرادت تكرار تجربة مناحم بيجن عام 1981 عندما قام بتدمير المفاعل النووي العراقي، ولكن المتغيرات التي أحاطت بالعراق تختلف الآن عن الظروف المحيطة بإيران، فالعراق كان وقتذاك في حرب شاملة مع النظام الإيراني، وفتح جبهات إضافية مع إسرائيل يعني تلقيه المزيد من الضربات العسكرية التي قد تدمر بعض قدرات الجيش العراقي الذي كان في أمسّ الحاجة إليها في مواجهة إيران، لكن إيران الآن ليست في حالة حرب ولديها القدرة على استنزاف إسرائيل أو أي قوى أخرى تشتبك معها بشكل مباشر، كما أن الخبرة المتراكمة لدي إيران لمدة عقود في المجال النووي قد تدفعها لإعادة بناء ما تم تدميره حتى لو استغرق الأمر بعض الوقت.

من المؤكد أن امتلاك إيران للسلاح النووي هو مصدر قلق للكثير من الدول ومنها بعض دول المنطقة، فالسلاح النووي إضافة إلى القدرات في مجال الصواريخ الباليستية بعيدة المدى يحوّل المنطقة إلى صفيح ساخن، وخطورة الحرب بين إسرائيل وإيران تتمثل في البعد الجغرافي بينهما، فلكي تصل الطائرات الحربية الإسرائيلية إلى العمق الإيراني عليها اختراق المجال الجوي لدول أخرى في المنطقة، وكذلك الوضع بالنسبة للصواريخ الباليستية الإيرانية؛ حيث يتعين عليها اختراق المجال الجوي لهذه الدول، وهو ما يمثل انتهاكاً لسيادة تلك الدول ويجعلها دوماً في حالة تأهب.

على الرغم من الجهود الدولية لتخفيف حدة الصراع وإنهاء الحرب بين إيران وإسرائيل إلا أن إسرائيل تصر على أن لديها قائمة من الأهداف يجب أن تنتهي منها قبل أن تعلن نهاية الحرب، وهو ما يمثل تحدياً للمجتمع الدولي ويزيد من احتمال دخول دول أخرى في خط المواجهة؛ حيث أعلنت الولايات المتحدة أنها ستدافع عن إسرائيل إذا تعرضت للخطر، وكأنها تعطي الضوء الأخضر لها لتستمر في الحرب، كما يتزايد القلق الدولي من التحذيرات التي تطلقها إيران بأنها ستغلق مضيق هرمز، وهو أمر -إن حدث- سيعني أن دولاً غربية ستدخل في خط المواجهة.

يخطئ من يعتقد أن الحروب في المنطقة بدأت منذ السابع من أكتوبر، فمنذ نشأة إسرائيل عام 1948 والمنطقة غدت مسرحاً للصراع، فحروب إسرائيل مع جيرانها لا تنتهي بسبب استفزازاتها وتدخلها الجائر في شؤون دول المنطقة انطلاقاً من رغبتها الجامحة في تحجيم القدرات العسكرية لدول المنطقة لتكون لها القوة المطلقة، وستظل المنطقة مسرحاً للصراعات طالما أن إسرائيل تحظى بتشجيع من الدول الغربية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد