: آخر تحديث

ستارمر... شراء الشعبية بالإنفاق

3
3
3

في يومين متتاليين هذا الأسبوع، قدمت حكومة كير ستارمر العمالية لمجلس العموم البريطاني، بيان الإنفاق الحكومي حتى نهاية البرلمان الحالي في 2029، وأيضاً تطورات في سياسة الطاقة الملتزمة بمعادلة الصفر البيئي، بأرقام يرى الاقتصاديون أنها ستؤدي لزيادة في الضرائب، وتتسبب في انخفاض الإنتاجية.

فما دوافع حكومة ستارمر؟ وهل ستتراجع مرة أخرى عن قراراتها في وقت لاحق قبل نهاية المدة البرلمانية (2029) إذا تغيرت الدوافع؟

شبه الإجماع بين المراقبين البرلمانيين على أن الدوافع سياسية، بسبب استمرار انخفاض شعبية ستارمر وحكومته (403 مقاعد برلمانية) عن شعبية حزب الإصلاح (5 مقاعد)، لأسابيع (راجع «الشرق الأوسط» الأحد الماضي)، وهو ما جعله يتراجع عن سياسات كقطع دعم فواتير وقود التدفئة عن المتقاعدين وكبار السن التي كانت وزيرة المالية، ريتشيل ريفز، أعلنتها في ميزانية الخريف الماضي. ففي تقديمها البيان الأربعاء (عقب المساءلة الأسبوعية لرئيس الوزراء) كررت أن حسابات برنامجها مضبوطة «بعكس حزب الإصلاح الذي لم يحدد مصادر تمويل وعوده في الإنفاق»، وفي اليوم التالي، ناقض المعهد المستقل للشؤون المالية ادعاءها بعدم زيادة الضرائب.

الملاحظ أن بيان الإنفاق رتب أولويات التمويل حسب القطاعات التي تزيد من شعبية الحكومة العمالية، لا بالمنطق الاقتصادي والمالي: 29 مليار جنيه إضافية لقطاع الصحة القومية (زيادة 2.3 في المائة)، وزيادة الإنفاق على الدفاع بـ11 مليار جنيه (من 2.33 في المائة حالياً إلى 2.6 في المائة في عام 2027)، بجانب 4 مليارات و500 مليون جنيه في إنتاج الذخيرة، و6 مليارات جنيه في بناء غواصات جديدة، وزيادة 2.3 في المائة بميزانيات قوات البوليس، و39 مليار جنيه في قطاع الإسكان، و10 مليارات إضافية لتخصيص وحدات سكنية لمحدودي الدخل.

قبلها بيوم قدم وزير الطاقة والتغير المناخي، إدوارد ميليباند، للبرلمان برنامجاً لبناء مفاعل توليد طاقة نووية ثالث يضاف إلى المفاعلين الموجودين في مركز الطاقة النووية قرب قرية سايزويل (مقاطعة سافوك شرق إنجلترا) بميزانية 14 ملياراً و200 مليون جنيه ويتم في عشر سنوات، ليوفر الكهرباء لأكثر من 6 ملايين بيت في البلاد. وهو أول مفاعل يبنى في ثلاثة عقود، بتفضيل الطاقة النووية، التي يعارضها الخضر والبيئيون، على مصادر متجددة كالشمس والرياح.

ميليباند متهم «بالهوس» في تحمسه للطاقة الخضراء، وكان وراء قانون التغيير المناخي بوصفه وزيراً في الحكومة العمالية السابقة (قبل انتخابات 2010)، وتتهمه المعارضة بإهدار الأموال على «فيل أبيض» - باعتماده على تكنولوجيا لم تتطور بعد بالنسبة للطاقة الخضراء، لكنه يعد (أو يأمل) في أن تطبق عملياً في المستقبل، بجانب أن المشاريع الحالية - من توليد الطاقة من الرياح والشمس، تتطلب دعماً، يضاف إلى فواتير الطاقة، مما يزيد من تكاليف الصناعات البريطانية، ويشكل أعباء على الفواتير المنزلية.

زعيمة حزب المحافظين المعارض كيمي بيدنوك كررت انتقادها للرسوم الإضافية لدعم مشاريع الطاقة الخضراء، وطالبت في نهاية الأسبوع بإلغائها لمساعدة الصناعات البريطانية بعد انخفاض الناتج القومي في الشهر الماضي. ميليباند خصص مليارين و500 مليون جنيه للاستثمار في المفاعلات النووية الصغيرة الأقل في التكاليف، والتي يولد كل منها 330 ميغاواط كهربية، ويمكنها توليد أكثر من 7 ملايين كيلوواط يومياً، وأقل كثيراً في التكلفة من المفاعلات الكبيرة (المفاعل الجديد في سايزويل قادر على توليد ألف ضعف من توليد الصغيرة أو 3.2 غيغاواط)، وتستغرق وقتاً أقصر وتلقى معارضة أقل من سكان المنطقة. لكن إعادة النظر في الأولويات تبدو ورقة سياسية أكثر منها اقتصادية، لأن حزب الإصلاح من المعارضين للسياسة الخضراء؛ بجانب توقع الخبراء مضاعفة التكاليف والشركة التي ستبنيه (إليكتريك دي فرنس) مملوكة للدولة الفرنسية، بعكس المفاعلات الصغيرة التي ستبني أولها شركة «رولز رويس» البريطانية.

وكانت حكومة ستارمر فور انتخابها الصيف الماضي، ألغت تصاريح التنقيب على البترول في بحر الشمال، وتصفية أعمال أكبر ميناء لتصدير البترول في اسكوتلندا، مما سبب بطالة وانخفاض شعبيتهم هناك.

وكان ستيفن مارك فلين زعيم كتلة الحزب القومي الاسكوتلندي في وستمنستر وجه انتقاداً ساخراً لوزيرة المالية ريفز الأربعاء، في مناقشة بيان الإنفاق الحكومي الذي قدمته بقوله إنها ذكرت نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح، أكثر مما ذكرت اسكوتلندا، حيث الإنتاج والمخزون الطبيعي الأكبر للبترول والغاز في البلاد.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد