: آخر تحديث

الكشف عن وجه توت عنخ أمون

8
6
5

بعد مرور ثلاث سنوات على كشف مقبرة الفرعون توت عنخ أمون في وادي الملوك في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922، كان المكتشف الإنجليزي هيوارد كارتر قد وصل إلى حجرة الدفن واستطاع فك المقاصير الذهبية التي تخفي تابوت الملك الحجري الضخم بداخلها. بعد ذلك قام كارتر بفتح غطاء التابوت الحجري ثم قام بإخراج التابوت الخشبي المذهب الهائل الحجم والذي يأخذ هيئة المومياء إلى خارج التابوت الحجري ليجد أولى المفاجآت، وهو وجود هذا التابوت على سرير خشبي مذهب يعتبر من معجزات أعمال النجارة في مصر الفرعونية. والسرير بحالة حفظ ممتازة. أما المفاجأة الثانية بالنسبة إلى كارتر فكانت عندما قام بفتح التابوت ليجد تابوتاً آخر بنفس الهيئة ولكن أصغر حجماً ومصفحاً بصفائح الذهب، وعندما قام بفتحه وجد التابوت الثالث الداخلي والمصنوع بالكامل من الذهب النقي ووزنه يتعدى 113 كيلوغراماً من الذهب الخالص! كانت مومياء الملك توت عنخ أمون ترقد في سلام داخل هذا التابوت منذ يوم دفنه قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة.

حدد هيوارد كارتر يوم الحادي عشر من نوفمبر عام 1925 موعداً لبدء فك لفائف المومياء والكشف للمرة الأولى عن وجه الفرعون الذهبي توت عنخ أمون، وقد عين لهذه المهمة كلاً من الدكتور دوغلاس ديري أستاذ التشريح بكلية طب جامعة القاهرة، ويعاونه الدكتور صالح بك حمدي وبحضور هيوارد كارتر ومساعديه، وكذلك جمع من كبار الشخصيات في الحكومة المصرية، وعلى رأسهم بيير لاكو مدير مصلحة الآثار المصرية، كما اهتم كارتر بوجود مصور البعثة هاري برتون، وذلك لتوثيق الحدث الفريد.

بدأت أعمال فك اللفائف وجمع الحلي والتمائم الذهبية والمطعمة بالجواهر والأحجار الثمينة، وكان العمل يتم ببطء شديد حتى إنه استغرق نحو أسبوع، وكان السبب الرئيسي لهذا البطء، هو أن المحنطِين كانوا قد سكبوا على المومياء واللفائف كميات كبيرة من زيوت الراتنغ، مما أدى إلى التصاق المومياء بأرضية التابوت، وأصبح فصلها من دون حدوث إصابات بها عملية شبه مستحيلة. أما عن السبب الذي جعل المحنطِين يقومون بهذا العمل، فقد أجمع العلماء على أنه كان الاستعجال وضرورة الإسراع في دفن الفرعون توت عنخ أمون الذي مات من دون أن يترك وريثاً للعرش! فكان أن طمع العجوز المحنك الذي يدعى «آي» - والذي كان ينتسب من بعيد إلى العائلة المالكة - في العرش، وأمر بسرعة إتمام مراسم الدفن ليتم تنصيبه فرعوناً على مصر.

وللتغلب على مشكلة التصاق اللفائف الكتانية قام المرمم ألفريد لوكاس بدهن الشمع الساخن على طبقة اللفائف الخارجية بحيث يمكن تقطيعه إلى قطع كبيرة عندما يبرد ويتجمد. وفي الوقت نفسه قام ديري بعمل شق طولي، وأزال الطبقة الأولى ليكشف عن التمائم والحلي التي وضعها المحنطون بين اللفائف، وكان برتون يقوم بتصوير موضع الحلي والتمائم ثم يقوم كارتر بنزعها عن المومياء، ثم يتم بالتكنيك نفسه إزالة الطبقة التالية، وهكذا حتى تم نزع كل طبقات اللفائف التي تم تكفين مومياء الفرعون بها. وللأسف الشديد لا يمكن الجزم بعدد طيات الكتان الذي استعمل في تكفين المومياء. أما ما حدث بعد ذلك فهو ما سنفرد له مقالنا القادم... (وللحديث تتمة)


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد