عبدالعزيز سلطان المعمري
كما أنها جبهات متقدمة في الدفاع عن القيم المجتمعية والثوابت الوطنية، ويزداد دور الجامعات وأهميتها يومياً، ذلك من أجل تحصين المجتمعات فكرياً، ومواجهة وتفكيك الخطابات المتطرفة التي تسعى لاختراق وإفساد العقول تحت شعارات دينية مضللة أو فكرية منحرفة.
حيث قدمت الجامعة نموذجاً يجب الاقتداء به من حيث تحويل الفضاء الأكاديمي إلى منصة لمواجهة الفكر المنحرف عبر أدوات ومعايير التحليل العلمي والتفكيك المعرفي.
وعلى رأسها جماعة «الإخوان المسلمين»، لا يمكن أن تقتصر على الإجراءات الأمنية والقانونية فقط، بل تتطلب خطاباً علمياً رصيناً بحيث يفكك خطابات التطرف ويكشف حقيقتها وغاياتها، ويعيد بناء المفاهيم المغلوطة التي يستثمرها ويستغلها الخطاب الإخواني المتطرف.
وفي هذا السياق، فإن جماعة «الإخوان» لا تمثل الإسلام، بل تمثل تحويراً سياسياً له، يخرجه من أصوله الدينية والروحية إلى ساحات الصراع السياسي، من أجل تحقيق أهداف الحزب والجماعة، وغايتهم تبرر وسيلتهم مهما كانت غير أخلاقية أو حتى منافية للدين وأحكامه. الخطورة في الطرح الإخواني لا تكمن في المفردات والمفاهيم المستخدمة فقط، بل في الأيديولوجية الكامنة خلفها.
فشعار الحاكمية الذي تتبناه الجماعة، ليس سوى غطاء لمشروع سياسي شمولي لا يعترف بالتعدد، ولا يقبل بالمواطنة، ويُقصي كل من لا ينتمي للتنظيم، بل يخرج كل من لا ينتمي له من الدين.
وبين المشروع الوطني والمشروع التنظيمي، وبين الخطابات الدينية المعتمدة على الفهم الصحيح للدين والخطابات المغلفة بالمظلومية المصطنعة وأفكار دينية مؤدلجة بعيدة كل البعد عن الفهم الصحيح لقيم ومبادئ الإسلام. من خلال تنظيم الجامعات للمؤتمرات والندوات العلمية المرتبطة والمتعلقة بالمجتمعات وأفكارها وقضاياها، تصبح بذلك مراكز للفكر الوطني، ومصانع لإنتاج الحصانة الفكرية، كما أنها تسهم في صياغة مستقبل مستقر فكرياً وأمنياً، ومن خلال الجامعات والمدارس تحصن الدولة أبناءها وتحميهم، بالفكر والمعرفة والوعي.