: آخر تحديث

الأهمّ من اسم الخليج العربي

0
0
0

الأسماء ليست محايدة، بالتحديد أسماء المواضع الجغرافية، والمُدن وشوارعها وساحاتها ومعالمها، لكن نحصرُ الكلام هنا عن المواضع الجغرافية؛ الجبال والأنهار والصحاري والبحار...

من هذه البحار التي ينطوي اسمها على جدلٍ وسجالٍ يخفي المُضمر السياسي والخبيئة التاريخية، المخلوق المائي الفاصل بين جزيرة العرب، غربه، والدولة الإيرانية، شرقه.

الدول العربية، وكثيرٌ من غير العرب، يعرفونه باسم الخليج العربي، منذ زمن، كما أن الإيرانيين، وغير الإيرانيين، يعرفونه باسم خليج فارس، وهو مذكورٌ في المصادر الرومانية والإغريقية باسم خليج أو بحر فارس، لكنّه أيضاً عُرف في المصادر نفسها باسم الخليج العربي، كما شرح ذلك الباحث الكويتي المعروف يعقوب الإبراهيم في بحثه «تسمية الخليج... قراءة في الأصول» نقلاً عن المؤرخ الروماني «بليني» (79– 23 ق.م) الذي سمّاه «الخليج العربي».

هذا البحرُ عرُف بأسماء كثيرة عبر التاريخين القديم والحديث؛ القديم نعني منذ أيام الأشوريين وحضارات الرافدين، وكذا الحضارة البهلوية الإيرانية القديمة، وكذلك كان معروفاً ومسلوكاً ومذكوراً عند العرب قبل الإسلام بكثير.

في العهود الإسلامية الوسيطة والمتأخرة عُرف باسم خليج البصرة وخليج القطيف، وغير ذلك، كما هو معلومٌ في الخرائط العثمانية القديمة.

قبل أيام من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرياض، وهي زيارته الخارجية الأولى منذ تسلمه كرسي البيت الأبيض، غيّر تطبيق الخرائط الشهير «غوغل» اسم الخليج الفارسي لمستخدميه في منطقة الشرق الأوسط إلى اسم الخليج العربي.

تزامن ذلك مع ما كشفه مسؤولون أميركيون لـ«أسوشييتد برس» أن ترمب يعتزم تغيير اسم الخليج الفارسي إلى الخليج العربي أو خليج العرب، بدلاً من الفارسي داخل الولايات المتحدة، في إطار أعمال زيارته المقبلة للرياض.

بالنسبة للسلطة الإيرانية، تتعامل مع المسألة من زاوية فخرٍ قومي وحميّة «وطنية» على طريقة نظام الشاه وعرش الطاووس، مع أن المنطق «الإسلامي» يقول إن الانتماء والحماس ينبغي أن يكون لإخوّة الدين، فقط!

2006: قام المجلس الأعلى للثورة الثقافية في الجمهورية الإسلامية في إيران، بتسمية الثلاثين من شهر أبريل (نيسان) من كل سنة باليوم الوطني للخليج الفارسي.

2010: أزمة بين إيران وبعض شركات الطيران الأجنبية بعدما حذر وزير النقل الإيراني، حميد بهبهاني، أي شركة طيران أجنبية من استخدام مصطلح الخليج العربي.

أظنّ أنَّ المسألة ليست مجرّد نزاع على تسمية بحر، فكم من دول متجاورة تختلف في تسمية بعض البحار أو الأنهار، والأمور بينها عادية سلسة، إنها مسألة تعكسُ قدْراً من حالة العداء والتنابز واستبطان النفي الثقافي والتاريخي.

لو كانت الأمورُ حسَنة، والنيّات طيّبة، لعادت المسألة إلى حجمها الطبيعي؛ مجرد خلاف جغرافي قاموسي... فقط.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد