خالد بن حمد المالك
أساساً لم يكن هناك مصلحة لكل من باكستان والهند فيما حدث من تصعيد بينهما، سياسياً وإعلامياً وعسكرياً، وكل الضربات بين الجانبين كانت أبعد ما تكون عن أخذ المسار الصحيح للعلاقة بين الدولتين الجارتين.
* *
وحين نشب القتال، وأنذر بما هو أخطر إذا ما استمر دون تدخل من وسيط نزيه، وجهة تكون موضع ثقة من الطرفين، هو ما جعل المملكة تسرع لتطويق الأزمة قبل استفحالها، مع جهد مقدر من الرئيس ترامب في إيقاف القتال.
* *
الوساطة الأمريكية السعودية أخذت بخيار السلام والحوار والدبلوماسية، ما يعني إيقاف القتال فوراً، وبدء المباحثات بين الدولتين لحل الإشكالات، ونزع فتيل كل ما يسمح بتكرار هذه الحروب، وإبقاء الخلافات دون حل.
* *
فمنذ تفجرت الأوضاع بين باكستان والهند، لعبت المملكة دوراً أساسياً لاحتواء الأزمة، والموقف العسكري بين البلدين، والعمل على ضمان عدم خروجه عن السيطرة، من خلال الاتصالات والمساعي الحميدة في وقت قياسي جداً، وقد نجحت الجهود السعودية، انطلاقاً من ثقة الأطراف المتنازعة بمكانة المملكة، ودورها المحوري في ترسيخ الأمن والاستقرار.
* *
هذا يقودنا إلى التذكير بالاتصالات التي بدأها سمو وزير الخارجية في وقت مبكر، بتوجيه من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ما دفع كلا من باكستان والهند في التحلي بأعلى درجات ضبط النفس.
* *
والجميع ممن تابع الأزمة، لاحظ أن المملكة هي الوحيدة التي دفعت بمبعوث خاص لزيارة البلدين، والالتقاء بالقيادتين السياسيتين من أجل تغليب صوت الحكمة، وإسكات أصوات البنادق، وهو ما تكلل بالنجاح.
* *
إن إعلان البلدين إنهاء التصعيد العسكري، والالتزام بالتهدئة، والذهاب إلى الحوار المباشر، يؤكد محورية الدور السعودي الحاسم في تجنيب العالم خطر نشوب حرب عسكرية بين الدولتين النوويتين.
* *
ومن المهم أن نشير إلى أن وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان أجرى في أواخر الشهر الماضي اتصالين مهمين مع نظيريه الهندي والباكستاني، لتهدئة التوترات المتصاعدة، مع التأكيد على منع التصعيد العسكري، وذلك ضمن جهود المملكة لضمان عدم خروج الوضع عن السيطرة، نظراً لعلاقاتها الوثيقة مع كل من باكستان والهند.
* *
كما زار عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية في 8 - 9 من هذا الشهر كلا من الهند وباكستان، بناءً على توجيهات القيادة، والهدف من الزيارة كان من أجل تعزيز الحوار الدبلوماسي، وتشجيع حل الخلافات عبر القنوات السياسية، مع التركيز على إنهاء المواجهات العسكرية.
* *
وامتداداً لهذه الجهود فقد رحبت المملكة بالاتفاق على وقف إطلاق النار فور إعلانه، وقد ثمن كل من رئيس وزراء باكستان ورئيس الوزراء الهندي للمملكة دورها الإيجابي في تعزيز السلام والأمن في جنوب آسيا.
* *
وبهذه المساهمة السعودية، إلى جانب الوساطة الأمريكية، يمكن القول: إن أزمة كبيرة كانت ستحل بالدولتين وبالعالم وأن التصرف السريع والحكيم طوقها، وغير مسارها نحو الحوار البناء، بدلاً من الصدام والقتال، وحرك بحث الفرص نحو معالجة الأزمات التاريخية بين البلدين، حتى يتم طي الخلافات بين الجارتين إلى الأبد إن شاء الله.