خالد بن حمد المالك
لم تكتف إسرائيل بقتل الناس، وإنما امتد عدوانها إلى الشجر والحجر، فقد هدمت البيوت والمدارس والمصحات والمستشفيات ودور الإيواء، وامتد عدوانها إلى الشجر والمزارع لاقتلاعها من جذورها، وتحويلها إلى أراض جرداء، في إمعان متعمد ومقصود لإفراغ الأراضي الفلسطينية من سكانها الأصليين.
* *
يحدث كل هذا أمام أنظار العالم، فليس هناك من محتج، أو معترض، وكأنهم ليسوا أمام جريمة حرب، وعدوان همجي غير مبرر، وكأن إسرائيل ليست محتلة للأراضي الفلسطينية، بما يعني أنه تواطؤ مع إسرائيل لتكريس احتلالها لفلسطين كل فلسطين.
* *
وأمام هذه المشاهد الصادمة، فإننا أمام مستقبل غامض، واحتمالات مدمرة، وتغيرات لصالح العدو الإسرائيلي بأكثر مما كان متوقعاً، في ظل مؤازرة المجتمع الدولي لأهداف إسرائيل، وقبوله بمخططاتها، وتعاطفه مع ما تدعيه من أنها تدافع عن نفسها، وتتصرف بما يحميها من عدو يريد أن يقتلعها من الوجود، بينما الواقع أن هذا العدو الفلسطيني هو من يدافع عن أرضه ضد محتل غاصب لها.
* *
ولم تقف إسرائيل عند احتلالها للأراضي الفلسطينية، ولكنها تمارس ضد الشعب الفلسطيني التنكيل والقهر والإذلال والعنصرية البغيضة، تقتل وتسجن وتعذب باستخدام القوة الغاشمة، وتنكل بالأحرار من الفلسطينيين الذين يرفضون الاحتلال، ويقاومونه، ويتصدون لآلة الجيش الإسرائيلي، ويواجهون ممارساته العدوانية ببطولة وشجاعة في ساحات القتال.
* *
الدول المؤثرة على إسرائيل، وتلك التي تدعمها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لا تفعل ما يمليه الضمير الحي لكبح جماح هذا العدو الدموي القاتل، بل إنها تلتزم الصمت، وأحياناً تعلن تأييدها لأفعاله، وحيناً تسارع بتزويده بالسلاح الفتاك لقتل الأبرياء، وتمكينه من التوسع في احتلاله للأراضي الفلسطينية.
* *
وإسرائيل لا تقبل بالحوار، ولا تعترف بأن هناك دولة يمكن تحقيقها للفلسطينيين في المستقبل القريب أو البعيد، بل إن حكومة نتنياهو العنصرية ألغت ما تم الاتفاق عليه في أوسلو وهو اتفاق يمنح دولة للفلسطينيين، كما أنها لا تعترف بقرار التقسيم، وكل القرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحق الفلسطينيين بإقامة دولة لهم على أراضيهم المحتلة.
* *
لقد تحدث العالم في السابع من أكتوبر عن دولة فلسطينية باعتبار أن السلام والاستقرار في المنطقة لن يتحقق بدونها، غير أن المكاسب التي حققتها إسرائيل في الحرب جعلت العالم يصمت عن أي حديث عنها، ولم يعد يتذكرها، وأصبح عاجزاً حتى عن الحديث عن إيقاف الحرب، وإيصال الدواء والغذاء للفلسطينيين المحاصرين في غزة، وكل حديثه الآن هو عن الأسرى لدى حماس، وخروج عناصر حماس من القطاع، وتسليم سلاحهم، وألا يكون لها أي دور في إدارة قطاع غزة.
* *
هذه الإملاءات اكتسبتها إسرائيل بانتصارها في الحرب من جهة، وبدعم الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، لكن هزيمة حماس لا تلغي حقوق الفلسطينيين بخروج الاحتلال من قطاع غزة ومن الضفة الغربية بحكم أنه كيان محتل لهما، وعليه أن يرحل، وللفلسطينيين الحق في اختيار من يدير قطاع غزة إذا أصبحت حماس خارج الحسابات، لا أن تكون إسرائيل هي البديل لحماس، أو أن يتم عرض غزة للبيع كما هو رأي الرئيس الأمريكي ترامب.