عبده الأسمري
طوع «قلمه» في خدمة «الصحافة» وسطع «نجمه» في أفاق «الحصافة» فكان «ابن الإعلام البار» الذي سخر معاني «التأثير» ورسخ معالم «الأثر» في عناوين «الذكر» وميادين «الشكر».
كان «الحامد» الواقف على بوابات «الابتهال» بحكم «النشأة المكية» و»التربية الإيمانية» ومضى ليكون «الصامد» أمام مسارات «المواقف» باحتكام «الخبرة الإعلامية» و»المسيرة الوطنية».
إنه رئيس تحرير صحيفة الندوة السابق الأستاذ حامد مطاوع رحمه الله أحد أبرز الإعلاميين والصحافيين ورؤساء التحرير في الوطن.
بوجه مكاوي الملامح بوقع الأصول وواقع الفصول وتقاسيم حجازية تملؤها «سمات» الوقار وصفات «الاعتبار».. وعينان ساطعتان بنظرات «الحنكة» ولمحات «الفطنة» وأناقة فردية تعتمر الأزياء الوطنية المتميزة ومحيا وقور متوج بحضور «أصيل» وتواجد «نبيل» وشخصية ودودة لطيفة الجانب جميلة المعشر نبيلة الوصال أنيقة القول شفافة الرأي وسطية التوجه أصيلة الفكر وعبارات «لغوية» فصيحة واعتبارات «حصيفة» تتخذ من «اللغة العربية» منهجاً ومنهاجاً في مواقع «العمل» ومواطن «القرار» ومن اللهجة الحجازية جهراً وعلناً في مجالس «القوم» ومحافل «الأسرة».. ومخزون «صحافي» ومكنون «ثقافي» قضى مطاوع من عمره «عقودا» وهو يؤسس العمل الصحفي على أسس راسية من المهنية ويؤصل التخطيط المهني وفق اتجاهات خالدة من الاحترافية صحافياً وريادياً وثقافياً وإعلامياً وكاتباً ترك أسمه لامعاً في متون «الإعلام» وصداه متردداً في شؤون «المهام» وذكره ساطعاً في منصات «الإلهام».
في شعب علي الحي العتيق في عقد مكة المكرمة «الزاهي» بإشعاع «الذاكرة البيضاء» وبين ثنايا «الطهر المكي» ولد عام 1347هـ وتفتحت عيناه على «ضياء» المكان و»سخاء» الزمان وما أن خطى خطواته «الأولى» حتى تجرع «اليتم الباكر» عند وفاة والده وهو في الثالثة من عمره فارتمى في حضن والدته السيدة «المكية» ابنة الشيخ صالح باعيسى الشهيرة بالحسنى بين قريباتها وجاراتها والتي سدت «فراغ» اليتم الباكر بالعطف المبكر والذي ملأ قلبه بموجبات «العطف» وموجهات «الحنان»..
أحاطته «رعاية» الأمومة بيقين غمر وجدانه حتى اكتملت «عزائم» النفع في عقله وتجلت «وعود» المحاسن في طريقه مما دعا جده إلى الحاقه بحلقات المسجد الحرام إيماناً من أسرته «الكريمة» بتربيته بين «أحضان» التدين حيث بدأ تعليمه بالقراءة وحفظ القرآن الكريم وتعلم الحديث والتوحيد ثم التحق بمدرسة الرحمانية الشهيرة.
ركض مطاوع مع أقرانه وزملائه بين أحياء شعب عامر وأجياد وحارة الباب وجبل الكعبة منجذباً إلى «رياحين» السكينة القادمة من «أرجاء» البيت العتيق.. مستنشقاً «نسيم» البساطة أمام منازل «الطيبين» في أم القرى وما حولها ومنخطفاً إلى «حكايات» الزائرين ومرويات «العابرين» على دروب «الترحال» متخذاً من «المركاز المكي» ميداناً اقتبس منه «ملاحم» المكيين المتوجين بدواعي الحكمة ومساعي الخبرة.
تعتقت نفسه بنفائس «الروحانية» في صحن الطواف وجنبات «الحطيم» وتشربت روحه أنفاس «الطمأنينة» قرب مقام سيدنا أبراهيم وحول الملتزم مولياً وجهه قبلة «الشعائر» الدينية في مدارات «التقوى» وسط ساحات «الحرم المكي الشريف».
التحق بمدرسة تحضير البعثات في قلعة «جبل هندي» وتخرج منها عام 1364هـ/ 1365هـ، ثم التحق بالمؤسسة العلمية للثقافة الشعبية عام 1367هـ ودرس علم الاقتصاد وإدارة الأعمال والشؤون المحاسبية.
ارتبط في حياته العملية بعدة أعمال حيث عمل في بداياته عام 1367 على وظيفة مساعد رئيس شعبة بالمديرية العامة للحج بوزارة المالية سابقاً ثم انتقل بعدها للعمل عام 1372 أميناً لصندوق جريدة البلاد السعودية ثم عمل موظفاً عام 1374 في صحيفة صوت الحجاز (البلاد) واختير عضواً في مؤسسة مكة للطباعة والإعلام عام 1383هـ وتم تعيينه نائباً لرئيس تحرير صحيفة الندوة عام 1383هـ.
وفي عام 1384 عين رئيساً لتحرير صحيفة الندوة 1384ومضى فيها حتى عام 1406 وكان من المؤسسين ومن أعضاء جمعية البر بمكة المكرمة عام 1373هـ. وعين مديراً عاماً لمؤسسة مكة للطباعة الإعلام.
وكان عضوا في مجلس كهرباء مكة المكرمة والطائف. لأربع دورات حتى عام 1402هـ. وعضواً بالمجلس البلدي بمكة المكرمة من عام 1412هـ إلى عام 1416هـ وعضواً بنادي مكة الثقافي الأدبي عام 1427هـ. واختير عضواً بمجلس منطقة مكة المكرمة منذ عام 1414هـ.
حصل على وسام بدرجة قائد من الملك الحسن الثاني ملك المغرب.
له العديد من المؤلفات وهي فيصل وأمانة التاريخ وشيء من الحصاد والمقال والمرحلة وابن حسن (عبارة عن مقالات باللهجة العامية المكية) مخطوط.
وقد تم تكريمه في عدة محافل وأشتهر بأمانته وإخلاصه وشفافيته وقوته في الحق حتى لقب بأسد الصحافة.
وكرمته وزارة الثقافة والإعلام السعودية في حفلها في 27-3-2009م مع عدد من كبار الإعلاميين في السعودية نظير جهوده في مسيرة الصحافة السعودية.
قام مطاوع بجهود مميزة وجبارة أثناء رئاسته لتحرير صحيفة «الندوة» واستقطب خلالها عددًا من «الكتاب البارزين» وأشتهر بحيادتيه وتميزه وإنصافه ووسطيته إضافة إلى توجهه «الإسلامي» الملتزم والتزامه بالوعي الفكري والتطوير المهني واهتم بالثقافة والأدب وشهدت الصحيفة في عهده «تطوراً مذهلاً» في الصفحات التحريرية المختلفة في المحليات والسياسة والمجتمع والاقتصاد والرياضة ومجال الكاريكاتير.
أمتاز مطاوع بكتاباته السياسية الرزينة ذات «الاتجاه» الموضوعي والتحليلي والنقد القائم على فكر عميق ورؤية مستقبلية كما كتب كثيراً في الشأن الاجتماعي وكانت له بصمته ووجوده «الفريد» في المناسبات المحلية والإقليمية والتي حضرها بهدوئه المعتاد وأسبغ عليها بمهنيته العالية وترك فيها أصداءه الراقية.
كان لمطاوع الكثير من «الأعمال الخيرية والأفعال الإنسانية» وكان شغوفاً بحب الخير مع إبقائه في أعماق «الخبيئة» وكان مكتبه مفتوحاً لعزائم «الشفع» ومساعي «العون» والتي كانت له فيها بصمات «راسخة» ترسخت في أذهان القادمين إليه من بوابات «السمعة الحسنة» وقد امتلأت «الذاكرة» بتواقيعه وتوصياته التي كانت «جسراً» متيناً ما بين «الأماني والتفاني» للوصول إلى قضاء «الحاجات» وفرج «الكربات» وتحقيق «الأمنيات».
انتقل مطاوع إلى رحمة الله في ربيع الاخر عام 1431هـ وقد ووري جثمانه ثرى مكة المكرمة الطاهرة في مقبرة «المعلاة» وقد تناقلت خبر رحيله الصحف السعودية والخليجية والعربية ومنصات الإعلام والمجالس المكية وقد شيعه المئات من زملائه واصدقائه ورفقاء دربه وأقران مسيرته واستعرضت «الصحافة» عبر تقاريرها وأخبارها ومقالاتها «الفقيد» ومآثره ومناقبه على المستويين الشخصي والعملي.
ترك مطاوع إرثاً معرفياً وإعلامياً من خلال ما قدمه من «منهجيات وخطط ومزايا في الصحافة السعودية ليرتبط أسمه بها كواحد من فرسانها النبلاء وخلف من بعده «ذرية مباركة» أكملوا طريقه وساروا على نهجه واقتدوا بمآثره وأبقى للأجيال «ملحمة مهنية مميزة» تجلت في سماء الاحتذاء.
حامد مطاوع.. وجه الإعلام وخبير الصحافة الرجل «المكي البارع» صاحب السيرة المجللة بالسداد والمسيرة المكللة بالانفراد.