: آخر تحديث

«قطار السلام» يواصل طريقه رغم العقبات!

10
9
8

مساعدة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، كانت واضحة في كلامها مع المسؤولين اللبنانيين خلف الأبواب وفي العلن، كان كلاماً خالياً من التعابير الدبلوماسية ومراعاة الحساسيات اللبنانية. قالت إن «على لبنان أن يكون ممتناً لإسرائيل التي أنقذته بإلحاق هزيمة محدقة بـ(حزب الله) ومن ورائه إيران، وأن لدى لبنان فرصة حقيقية لإنهاء الصراع العبثي مع إسرائيل، والتوجه نحو بناء وطن يخدم طموح وتطلعات شبابه والأجيال القادمة».

لم تكن مورغان أورتاغوس مخطئة بالقول إن «حزب الله» هُزم، فلقد تراجع إلى ما وراء نهر الليطاني، وأصبحت قيادته هزيلة، ومنقسمة على بعضها، ومحاولة إظهار القوة الشعبية من خلال جنازة حسن نصر الله لم تكن كافية لإحياء السيطرة على المشهد السياسي اللبناني. وقد أخطأ نعيم قاسم، أمين عام الحزب الجديد، ووفيق صفا وحسن حيدر بادعاءات النصر، في الوقت الذي فقدت فيه البيئة الحاضنة أملاكها وأرزاقها، ويرى الناس بأم العين وجود إسرائيل داخل قراهم بالجنوب والمسيّرات تصول وتجول على مساحة لبنان، تغتال وتقصف بلا رادع. وقد تفاقم وضع الحزب بتوقف أو انحسار مصادر التمويل، ما سيؤدي حتماً إلى تراجع الخدمات والتعويضات والتكاليف التشغيلية.

يقول أحد أقطاب «الثنائي الشيعي» إنه يخشى أن تستمر حالة النكران لدى بعض قادة «حزب الله» الذين يريدون الهروب إلى الأمام بإشعال المواجهة مع إسرائيل، حتى لو أدَّى ذلك إلى مزيد من الدمار والقتل في العمق اللبناني. ويقول إنه عملية انتحارية يائسة تفتقر إلى المعرفة بتغير الظروف والمعادلات، وستستغلها إسرائيل للقضاء الكامل على «حزب الله»، وفرض منطقة عازلة تمتد إلى عمق أكبر في الداخل اللبناني يتعدَّى نهر الليطاني، ويقف عند الجسر الأولي، ويناط الأمن في هذه المنطقة بقوات دولية ضاربة وليست مراقبة.

وكانت إسرائيل قد ذكرت أن قواتها ستبقى في لبنان حتى تتأكد من سيطرة الجيش اللبناني بنسبة 100 في المائة على المناطق التي تنتشر فيها، مؤكدة أن هذا القرار يتماشى مع آلية المراقبة المتفق عليها بين الجانبين، وأن بقاء القوات الإسرائيلية في النقاط الخمس المُحددة في لبنان يتوافق مع الاتفاقات السابقة المتعلقة بمراقبة الوضع في المنطقة.

ما زال أمام لبنان واللبنانيين مزيد من المعاناة قبل الوصول إلى الأمن والأمان المستدامين. ولكن مما لا شك فيه أن محطة الوصول الجميلة الهانئة أصبحت بمرأى العين المجردة.

ينطبق هذا الأمر على سوريا، التي تعيش نوعاً من عدم الاستقرار السياسي والأمني، وأن الأميركيين وضعوا شروطاً على النظام لتخفيف العقوبات، لا سيما فيما يتعلق بـ«الجهاديين» الأجانب الذين عيَّن الرئيس أحمد الشرع بعضهم في مناصب.

وتوصلت «قسد» إلى اتفاق مع الحكومة السورية الجديدة، ويقال إنه جاء بناءً على حث من الولايات المتحدة. وتتوخى الصفقة على نطاق واسع دمج الهياكل السياسية والعسكرية لـ«قسد» في الدولة، فالاندماج فعل مهم ومنقذ؛ حيث رأينا مؤخراً الثمن الغالي الذي دفعته «قوات الدعم السريع» في السودان، التي رفضت كل عروض المصالحة حتى «الهزيمة».

صفقة «قسد» في سوريا ستُحرر واشنطن من عقد كثيرة. لطالما كان دعم الولايات المتحدة لـ«قسد» مشروعاً مشحوناً دبلوماسياً، يعقِّد علاقات واشنطن مع أنقرة. ويمكن لعمليات السلام بين «قسد» ودمشق و«حزب العمال الكردستاني» وأنقرة أن تمهد الطريق في نهاية المطاف للانسحاب المحترم لما يقرب من 2000 جندي أميركي لا يزالون متمركزين في سوريا. وبعد ذلك، أي بعد مخاض كبير، سيكون لكل حادث «حديث سلام».

ولا يمكن استثناء غزة من هذا التوجه إلا إذا كان من تبقَّى من «حماس» قرر الإضرار بمصر والأردن. إذ تلتقي المقترحات المصرية والأميركية لحل على المدى البعيد.

وتقول مصادر غربية إن الخطة المصرية تدعو «حماس» إلى إطلاق سراح 5 رهائن إسرائيليين كل أسبوع، ويُعتقد أن المجموعة تحتجز 59 رهينة، 24 منهم فقط لا يزالون على قيد الحياة. في المقابل، ستُنفذ إسرائيل المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار الذي يهدف إلى إنهاء دائم للقتال، بعد المرحلة الأولى.

أما أميركياً، فقد اقترحت واشنطن «مد جسر» خاص بها الأسبوع الماضي لاستعادة وقف إطلاق النار حتى 19 أبريل (نيسان) المقبل، لتسهيل المفاوضات من أجل سلام طويل الأجل، مع تجريد غزة من السلاح.

المحور الذي يدور حوله الكل، سرّاً وعلناً، هو السلام؛ حيث انطلقت المظاهرات في شمال غزة تُطالب برحيل «حماس» «انتصاراً» للسلام!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد