وسط هموم السياسة، وتقلّبات الأوضاع، ووسط تأملات الحاضر ومحاذير المستقبل، نعيش في زمن انقلبت موازينه ومقاييسه وضاعت أهدافه.
قول جميل أثار انتباهي، ووقفت عنده طويلاً، وقررت أن أنقله لكم.
نحن في زمن ننتظر المحترم أن يخطئ، حتى نثبت للناس أنه غير محترم.
هذا التصيّد غالباً ما تقف وراءه أنواع الغيرة.
التهاون مع محاسن الخلق، والتركيز على الخطأ ووضع المكبر عليه، غاية مريض، لا أكثر.
بعض الناس كالعطر المُقلّد، تُعجبك رائحته، ولكنه لا يدوم طويلاً.
وما أكثر هذا النوع من الناس، الذين تلاقيهم في يومك يحومون حولك، يتنقلون بين تفاصيل حياتك، لكنهم سرعان ما يضيعون ويتوهون في عالمك.
وبعض الناس كالأوطان، فراقهم غربة، فيما آخرون كالأرواح، فراقهم موت.
قليل جداً بل نادر ما يمثّل فراقهم موت حياتك، بمعنى استنزاف طاقتك، وغياب متعك، وفرار شغفك.
أما من ينقلك غيابه من الاستقرار والاطمئنان إلى غربة النفس وتوهان المشاعر، فهؤلاء هم أقرب المقربين.
بعض الناس كالأمراض، فراقهم حياة، وجودهم في حياتك همٌّ وغمٌّ، ثقيلون في تصرفاتهم وطباعهم، وجودهم حولك، ومن ثم فراقهم، شفاء وراحة وحياة مسترخية.
أجمل القول إن البرتقالة لن يخرج منها سوى عصيرها، مهما ضغطت عليها، وكذلك هو الإنسان في الأزمات.
في الأزمات التي يتعرّض لها الإنسان في حياته لن يخرج منه سوى ما تربّى عليه، هناك من يواجه الأزمات بفقدان المبادئ، والخروج عن أصول التعامل والرد، فيما يتعالى آخرون على ملوثات العلاقات والصداقات، وهذا في النهاية هو ملخص التربية.
من يُعبّر عن غضبه واستيائه بإلقاء التهم جزافاً، ومن دون حق أو إنصاف، يعبّر عن خلفيات حياته وما جبل عليها.
أما المتسامحون فهم يمررون كثيراً ويتغافلون كثيراً عن هفوات وأخطاء الآخرين وادّعاءاتهم، ويمررون الخطأ تلو الآخر، ليس ضعفاً ولا استخفافاً، بل إدراكاً منهم بأن من أمامهم لا يستحق العودة إليه ثانية.