: آخر تحديث

رسائل الورد

6
5
6

سهوب بغدادي

نرى كمًا هائلاً من الدعايات التي تروِّج للورد كهدية، فيما يعتقد البعض أنَّه غير مفيد أو مضيعة للمال، باعتبار أنه سرعان ما يذبل وينتهي عمره ويُلقى في الحاوية، إلا أنَّ بعض النساء يأبين أن يتنازلن عن رمزية الورد ويعتبرن الحصول عليه أمرًا لا بد منه، بل يغضبن عند عدم تلقيهن له في المناسبات السعيدة، فلماذا كل ذلك الاحتفاء بتلك النبتة الصغيرة؟ بلا شك، لقد اقتحم الورد أعذب الأشعار وشدا بحسنه الكثيرون على مر الأزمان، بل خصص له بعض الأدباء من نتاجهم نصيبًا جيدًا، إنَّ الورد من أساس تكوينه ينبت ضمن مجموعة وكل وردة لها جمالها وسحرها الخاص بها، وعند انفصال الوردة عن تلك المجموعة تبقى ذات قيمة وجمال بغض النظر عن محيطها الذي ستوضع فيه، أيضًا، تمثيلها لمعيار «الجمال الصامت» و»الجمال الكلاسيكي» وذلك ما يخفق فيه عصرنا الحديث مع بزوغ التقليعات والموضة كل يوم وتعمُّد المبالغة في المظهر والتزييف، فتأتي تلك النبتة كرسالة من الماضي لتذكِّرنا بما كان، قد تتعدد المفاهيم والانعكاسات المنوطة بالورد، إلا أنَّ أهم مفهوم أعتد به هو تمثيل «الحاضر»، نعم، الورد سيذبل ويموت في المستقبل وكلنا نعي هذا الأمر، وعلى الرغم من ذلك سنبتاعه مرارًا وتكرارًا! ببساطة، إن الورد يجعلك تعيش في الحاضر وتصب تركيزك عليه، فما أهمية الحياة إذا داهمنا الماضي وحاصرنا ريب المستقبل؟ الورد ينتزعك من تلك الأزمنة البعيدة ويعيدك إلى اللحظة الأهم وينبهك لنفسك ولغيرك من الأهل والأصدقاء والأحباب، عبر تجسيده معاني العطاء المتوازن، بين بهجة وأيام عطرة مقابل الماء والضياء، وفي حال ذبل ورحل سيقف مجسدًا أجمل الذكريات التي كان مفعمًا بها، أخيرًا، قد تمتد المزايا والأبعاد ولا يسعني المقام والمقال لسردها جميعًا.

«صبح صباح الخير من غير ما يتكلم

ولما غنى الطير ضحك لنا وسلم

بيطمن الحيران.. وردك يا زارع الورد

على الجمال سلطان.. وردك يا زارع الورد»

- طلال مداح


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد