: آخر تحديث

المعلم منصور وذاكرة التعليم!

4
5
4

هيلة المشوح

قبل ستة عقود من الآن كان التعليم في المملكة يقوم على ركيزة واحدة وهي القضاء على الأمية ومحاربة الجهل، وأسندت هذه المهمة إلى معلمين ومعلمات اُستقدموا من بعض الدول العربية لهذا الغرض، مع ندرة الكوادر التعليمية السعودية حتى ستينيات القرن الماضي نظراً لظروف المنظومة التعليمية المتأخرة نسبياً آنذاك، وهو الأمر الذي أصبح محل تعجب اليوم ومفارقات أعجب!

في إنجاز وطني بارز، فاز المعلم السعودي الملهم والخلوق منصور المنصور بجائزة «أفضل معلم في العالم» لعام 2025، متفوقًا على أكثر من 5000 مرشح من 90 دولة، وهنا تكمن المفارقة بين مقدمة هذا المقال وما يحدث اليوم على الصعيد التعليمي في المملكة بعد اختيار المعلم المنصور ضمن هذه القائمة الفريدة وحصوله على جائزة فاركي العالمية، أي أن المعلم السعودي أصبح أيقونة في التميز العلمي والأداء الوظيفي ومواكبة تقنيات العصر، وهنا يكمن أيضاً التحدي والإنجاز وعظمة وقوة هذه البلاد المباركة التي تسير بخطى قوية وثابتة نحو مستقبل مبهر وبيئة تعليمية مثمرة وجادة.

يقول الأستاذ المنصور «إذا ملكت قلباً فشرّق به وغرّب» وقد شرّق وهو بعقول طلابه لأنه يغرس فيها منذ البداية فكرة التميز وأنهم موهوبون وأذكياء، وهنا وقفة بسيطة؛ فحين تعطي الصغير انطباعك عنه بأنه متميز فأنت هنا تبرمجه للتميز بالفعل وترسخ في ذهنه أنه ذكي وموهوب وقادر على التفكير والإنجاز ولن يجد أمامه إلا الحماس للوصول إلى هذا التميز.. هل تعلمون قيمة هذا الغرس وعظمته؟ هي عظمة لا تقل عن روعة هذا المعلم وعطائه وتميزه، ولا تقل عن عظمة دولة كانت تحارب الأمية ثم أصبحت تضاهي الأمم بتعليمها وتنافس أقوى المنظومات التعليمية عالمياً، فالسعودية اليوم تتفوق على نفسها، فكم أمة نجحت في مجالات وأخفقت في أخرى، ولكننا في هذا الوطن الغالي نجحنا وتفوقنا في شتى المجالات لأننا في دولة تضع الفرد على قمة مستهدفاتها وأهم استثماراتها.

شهد التعليم في المملكة العربية السعودية تطورات كبيرة منذ بدأت مسيرة التعليم الرسمية بتأسيس مديرية المعارف عام 1926، التي تحوّلت لاحقاً إلى وزارة المعارف في عام 1953، ثم إنشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات في عام 1960م بعد إتاحة فرص التعليم للإناث، وصولاً إلى تأسيس وزارة التعليم العالي للإشراف على التعليم الجامعي في عام 1975، أما اليوم فتسعى المملكة من خلال رؤية 2030 إلى تطوير نظام تعليمي يواكب التطورات العالمية، ويركز على تنمية المهارات وتعزيز الابتكار، وتشمل الجهود المبذولة في مجال التعليم تحديث المناهج، تدريب المعلمين، والاستثمار في التعليم الرقمي، بهدف إعداد جيل قادر على المنافسة في سوق العمل العالمي.

منذ انطلاق التعليم في المملكة وحتى يومنا هذا والكوادر التعليمية السعودية تثبت كل يوم بأنها كوادر متميزة ورائعة بكفاءات عالية وإنسانية بالغة، والأستاذ منصور المنصور نموذج ضمن آلاف المعلمين السعوديين ذكوراً وإناثاً الذين يلعبون دورًا محوريًا في بناء الأجيال ورفع مستوى التعليم في البلاد.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد