: آخر تحديث

خلل تقني في إعداداتك الوطنية

6
6
5


تظهر بين الحين والآخر ظواهر تستحق أن تُدرج في موسوعة "اللامعقول البشري"، ومن أبرزها أولئك الذين يهاجمون المملكة العربية السعودية بشراسة، ثم يدّعون أن هذا الهجوم جزء من "وطنيتهم" لبلادهم!
نعم، سمعتم جيداً... وطنية بلا وطن، وحب بلا قلب، ودفاع بلا درع. إنه "الخلل التقني" الأكثر إثارة للدهشة في إعدادات الوطنية البشرية!

ترى أحدهم يجلس في زاوية مظلمة من العالم، يطلق العنان لأصابعه على لوحة المفاتيح، كأنه بطل في فيلم أكشن، يهاجم المملكة بكل ما أوتي من قوة البلاغة (أو قل الإسفاف)، ثم ينتهي به المطاف بأن يعلن للعالم: "أنا أفعل هذا من أجل وطني!" .. يا له من دفاع مشرّف! .. يا له من حب عظيم! .. وكأن الوطن يحتاج إلى من يدافع عنه بمحاولة تمزيق الآخرين! لحظة من فضلك... دعونا نتساءل: ما هي العلاقة بين هجومك على السعودية ووطنيتك لبلدك؟! هل السعودية سرقت منك شيئاً؟!هل هي السبب في تأخر مشاريعكم؟! أم أنك ببساطة تعاني من خلل في إعداداتك الوطنية، جعلك تخلط بين "حب الوطن" و"كره الآخرين"؟ إنها معادلة غريبة: كلما هاجمت السعودية، كلما زادت وطنيتك! وكأن الوطنية أصبحت لعبة إلكترونية، كلما ضغطت على زر الهجوم، ارتفع مستوى "الوطنية" في شريط الطاقة الخاص بك!

ولكن للأسف، هذه اللعبة معطوبة، وشريط الطاقة فارغ منذ البداية. والأعجب من ذلك أن هؤلاء "الوطنيين المزعومين" ينسون أن الوطنية الحقيقية لا تُبنى على كراهية الآخرين، بل على حب الوطن نفسه.
الوطنية ليست أن تهاجم جارك لتثبت أن بيتك أجمل، بل أن تجعل بيتك أجمل دون أن تنظر إلى جارك.
الوطنية ليست أن تسبّ وتشتم وتنشر السموم، بل أن تبني وتُصلح وتزرع الخير، تماماً مثل ما يفعل السعوديون. ولكن يبدو أن هؤلاء يعانون من "عطل فني" في مفهوم الوطنية. إنهم مثل ذلك الشخص الذي يحاول إصلاح سيارته بضربها بمطرقة، ثم يتفاجأ عندما تتعطل أكثر!

نعم، إنها نفس الفكرة: كلما ضربت السعودية بكلماتك، كلما تعطلت وطنيتك أكثر، و كلما ابتعدت عن جوهر الوطنية الحقيقية. أقول لهؤلاء: قبل أن تهاجموا السعودية أو أي بلد آخر باسم "الوطنية"، افحصوا إعداداتكم الوطنية جيداً. ربما تحتاجون إلى تحديث برمجياتكم العقلية، أو ربما تحتاجون إلى إعادة تشغيل قلوبكم. لأن الوطنية الحقيقية لا تحتاج إلى أعداء لتثبت وجودها، بل تحتاج إلى حب وإخلاص وبناء. وإن فشلتم في فهم ذلك، فاعلموا أن المشكلة ليست في السعودية، ولا في غيرها، بل في ذلك "الخلل التقني" الذي يعشعش في إعداداتكم الوطنية.

* مختارات إكس: نرصد لكم أبرز تغريدات الكتّاب والمفكرين العرب على منصة إكس، حيث تتقاطع الآراء وتنبض الأفكار في السياسة، والثقافة، والمجتمع.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد