موسى بهبهاني
الشباب هم عماد الوطن وأساس قوته وطريقه نحو التقدم والازدهار، وحرصت القيادة السياسية وأولت اهتمامها للعناية بشؤون الشباب وتهيئة الرعاية لهم في شتى المجالات، وقامت برعاية الحركة الرياضية ودعمها وتطويرها وفقاً للمبادئ الدولية.
فالشباب هم مستقبل الوطن إن تمت تهيئتهم وتأهيلهم بطريقة صحيحة، فمن خلال هذه التهيئة وهذا التأهيل يتم صقل المهارات وتأسيس العمل الجماعي من أجل تحقيق الأهداف المنشودة، كذلك عن طريقهما يتم استغلال وقت الفراغ والبعد عن الملهيات التي تفسد الشباب.
يقول الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجدة
مفسدة للمرء أي مفسدة
في السابق كان التعاون التام بين الحكومة والقائمين على إدارة القطاع الرياضي هو السائد، بدءاً من المدارس، مراكز الشباب، الأندية الرياضية والأندية الصيفية، الساحات الترابية...
كان العمل بالأندية الرياضية تكليفاً لا تشريفاً، وكانت لدى اللاعبين الروح المعنوية العالية لتحقيق النجاحات المتلاحقة، والولاء كان للعلم وليس لأفراد.
وزارة الشؤون كانت مسؤولة عن مراكز الشباب والأندية الرياضية، ووزارة التربية كانت مسؤولة عن الأنشطة المدرسة والأندية الصيفية.
إنما لاحقاً أصبحت الأمور كالآتي:
1 - الواسطة والمحسوبية هي المسيطرة على أغلب الأندية وهو ما يتنافى مع الدور المنشود لها.
2 - انتشار السلوك المشين مثل (التطاول اللفظي واليدوي والتعدي والمناكفات السيئة غير المحببة من قِبَل الإداريين والمشرفين واللاعبين).
3 - في حالة إن كان هناك شابٌ يمتلك موهبة رياضية فحتماً سيحتاج إلى الواسطة كي يلتحق بالنادي، وإن كان ولي أمر اللاعب ضد توجهات مجلس الإدارة فلن يتم احتضانه، بل يتم تطفيشه.
القاعدة العامة:
تنص بأن الرياضة تدار في العالم عن طريق المجتمع، أي عن طريق الأندية الأهلية، والنظام العالمي يمنع التدخل الحكومي!
الآلية الحاصلة الآن:
- أعضاء الجمعيات العمومية للأندية هم من يختارون أعضاء مجلس الإدارة بالتصويت لأحد عشر مرشحاً.
- أعضاء مجالس إدارات الأندية هم من يختارون أعضاء الاتحادات، وقد يكون سوء الاختيار وارداً، حسب العقلية الثقافية والاجتماعية السائدة في وطننا (هذا ولدنا - محسوب على طرف أو توجه أو تيار - ما نوصيك عليه...)!
- وإن تدخلت الحكومة فى عملية الإصلاح، تقوم الاتحادات أو الأندية الرياضية بتقديم شكوى إلى المجلس الرياضي الدولي، وعلى أثره يتم إيقاف مشاركات المنتخبات الوطنية كما حصل قبل سنوات مضت!
وللأسف مجالس إدارات الأندية الرياضية هم من يديرون المشهد، حيث يتم تسجيل الأعضاء المحسوبين عليهم في الجمعية العمومية وشطب من يخالف توجهاتهم، وبذلك يتم ضمان استمرار بقاء أعضاء مجلس الإدارة في إدارة النادي!
حيث تحولت الأندية إلى شركات مغلقة! وهيمنت على الحركة الرياضية في البلاد، ناهيك عن دورها في اختيار رؤساء الاتحادات واللجنة الأولمبية بل وحتى اختيار اللاعبين!
إذاً الخلل يبدأ من الأندية الرياضية؟
- الحال في الوضع الرياضي أن الكثيرين منهم يعملون لأهداف شخصية خاصة - وجاهة - سيطرة... وليس لأهداف عامة.
... والغريب في الأمر أن:
- الحكومة تقوم بإشهار الأندية وبناء المنشآت الرياضية، وتقديم الدعم المالي السنوي، ومع كل ذلك لا تتمكن من التدخل وإيقاف هذه الممارسات الصارخة التي تضر بالشأن الرياضي!
فما هو الحل إذاً؟
الحل من وجهة نظرنا :
- أن تقوم الحكومة بأخذ زمام الأمور والعودة للاهتمام بالقواعد الرياضية بدءاً من المدارس - مراكز الشباب - الأندية الرياضية والأندية الصيفية.
-على الحكومة أن تحدد الأولويات والأهداف وتمهد الطريق لتحقيق ذلك وأن يكون من أوليات مهامها فرض برنامجها لإصلاح الشأن الرياضي.
- تشريع قانون جديد يحدد الأهداف والأولويات، في النهاية الحكومة هي الداعم الرئيسي في الاهتمام بالشباب وخاصةً الرياضيين، ولذلك فإن دورها أساسي في تطوير هذا القطاع.
- الاتحادات الرياضية تعمل على تحقيق تلك الأهداف وليس التفرد في اتخاذ القرارات خارج نطاق الدولة، ومن يتعدى حدوده ويتجرأ بارسال شكوى ضد دولته يجب محاسبته حساباً عسيراً.
- قانون الرياضة لسنة 2017، سحب صلاحيات الدولة في محاسبة تجاوزات الأندية علماً بانها ملكية خاصة للدولة!
ولذلك، يجب تصحيح قانون الرياضة وإنقاذ الرياضة من براثن المصالح الخاصة. ولا يتحقق ذلك إلا بتقليص دور الأندية وأعضاء الجمعيات العمومية بحيث يكون المنتسب لها من الرياضيين الحاليين والسابقين فقط بالإضافة إلى الأكاديميين.
- يجب تغيير نظام الجمعيات العمومية والأنظمة الأساسية للأندية لتكون:
1 - تطبيق الانتخاب وفق نظام الصوت الواحد.
2 - فترة العضوية لكل دورة تكون 3 سنوات فقط.
3 - تحديد فترة دورتين لكل عضو في مجلس الإدارة.
4 - تشكيل لجنة في الهيئة العامة للشباب والرياضة مهامها تسجل الأعضاء الجدد في الأندية ليتم إغلاق باب التسجيل الذي يستغل لمصالح شخصية.
وبذلك يتم كسر حاجز الاحتكار، وننأى عن الأمور المثيرة للشك مثل (المال السياسي، المنافسة غير المحمودة)، وبذلك نفتح باب المنافسة الشريفة بين الرياضيين ونغلق بقية الأبواب أمام كل من له مآرب أخرى.
- ألا يتعدى عدد اللاعبين الأجانب المحترفين في النادي 3 لاعبين، فالهدف الارتقاء بالمستوى الفني واكتشاف وصقل المواهب المحلية.
(حل مجالس الإدارات):
لاحقاً وبعد إقرار تلك التشريعات يتم حل مجالس إدارات كل الأندية ويتم تطبيق ما ذكر بناءً على القوانين والتشريعات الجديدة.
- تفعيل مراقبة وإشراف وزارة الشباب في الاستثمارات التجارية التابعة للأندية، وفي ضوئها يتم إيقاف أو تخفيض الدعم المالي الحكومي على حسب قيمة الإيرادات من تلك الأنشطة التجارية.
- تخصيص أنشطة رياضية محددة لكل ناد، وبذلك يقل عدد الأنشطة المتعددة ويكون التركيز والاهتمام أكثر على عدد محدد من الألعاب في كل نادٍ وبذلك يرتقي مستوى اللاعبين.
- التعاون مع اللاعبين القدامى لتأسيس جيل رياضي يتميز بالروح الرياضية والالتزام بالتدريب بهدف رفع اسم الكويت في المحافل الدولية.
- الدعم المالي السنوي والمكافآت المالية تكون على حسب الإنجازات والبطولات التي يحصدها النادي.
ملاحظة:
الهدف من إنشاء الأندية الرياضية:
1 - صقل الشباب ثقافياً واجتماعياً ورياضياً، وشغل أوقات فراغهم بما يتناسب مع ميولهم، واكتشاف المواهب الكامنة لديهم.
2 - التنافس الشريف والعلاقة الودية المحمودة بين منتسبي النادي الرياضي، وكذلك مع الأندية الأخرى.
فإن قامت الأندية بدورها المنوط بها خرّجت جيلاً يمتلك العديد من المواهب أولاها التحلي بالأخلاق الرياضية.
ختاماً:
- إن تم تخصيص الأندية الرياضية فمن يدير تلك المنشآت يجب ألا يخرج عن نطاق القانون، وليس من حقه التصرف والانفراد بالقرار فهو ينفذ البرنامج الحكومي للارتقاء بالشباب الرياضي.
- الأندية القائمة الحالية لا يتم تخصيصها بل يتم تفعيل وخلق شراكات إستراتيجية مع مؤسسات الدولة الرائدة مثل (هيئة الاستثمار - مؤسسة التأمينات - وزارة الإعلام) لتعزيز القدرات الإدارية والمالية بالاستعانة ببعض الأعضاء من ذوي الكفاءة والتخصص في مجالات الاستثمار والتسويق والإعلام والقانون.
- خصخصة الأندية تكون للشركات وليس للأفراد، وتحديد موقع جديد (مدينة رياضية) وتقوم ببناء الملاعب الرياضية على نفقتهم، مع تخصيص عدد لا يتعدى 3 لعبات فقط لكل شركة.
تساؤل يطرح للبحث:
- هل من الممكن أن يتم تشكيل الاتحادات الرياضية بالتعيين وتحديد الفترة الزمنية وبذلك تكون مستقلة وغير خاضعة لمحاباة أي نادٍ رياضي؟
الكويت تقدر:
نعم، الكويت تقدر، فالكويت دولة رائدة في مختلف الأعمال ومنها المجال الرياضي ولله الحمد، فهي تزخر بالكفاءات العملية والأكاديمية رجالاً ونساء المحبين لوطنهم، ولذلك إن منحوا الثقة وابتعدوا عن الصراعات الشخصية فسنرى ما يسر الوطن.
فالولاء أولاً وأخيراً للكويت فقط.
اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.