: آخر تحديث

سوريا: من القاتل؟!

2
2
3

خالد بن حمد المالك

ما يحدث في سوريا يدمي القلب، ويحز في النفس، ويضيف مأساة أخرى جديدة إلى المآسي العربية في السودان وقطاع غزة ولبنان وليبيا واليمن، فإلى جانب أن الوضع في سوريا غير مستقر، وغير آمن، يأتي التصعيد الأخير على نحو متسارع ليضع سوريا على كف عفريت.

* *

هناك تدخلات أجنبية تنتهز مثل هذه التطورات المخيفة، فترمي بثقلها وقواتها، بما يحقق مصالحها، ويضعف سوريا، ويجعلها في حالة من عدم الاستقرار، وتكون مثل هذه الحروب على حساب تحويل مبانيها إلى أنقاض، ومواطنيها إلى قتلى بدم بارد.

* *

كنا ننتظر أن تتعافى سوريا، وأن ترحل الحشود العسكرية غير السورية من أراضيها سواء حشود الدول أو التنظيمات أو الأفراد، وإذا بنا أمام مستجد جديد يزيد من معاناة الشعب السوري المنكوب، وإذا بنا أمام تطور مخيف لا نعرف وقد بدأ متى سوف ينتهي، ولمصلحة من؟!

* *

وقدر أغلب الدول العربية أن تكون هكذا، غير قادرة على ضبط حدودها وأمنها، ودون تكاتف مواطنيها مع أنظمتها، بما سمح للأجنبي ليجد له طريقاً للتأثير سلباً على حاضرها ومستقبلها، وبإثارته للفتن فيها، وخلق صراعات بين مكوناتها، لتكون الحروب هي من تسيطر على واقعها.

* *

إن ما يجري من قتال في حلب وإدلب وحماة، وربما في الطريق غيرها من المحافظات والمدن والقرى، إنما يسمح للقوى المعادية لسوريا، وتلك التي لها أطماع فيها، بأن نفسها في خدمة هذا الطرف أو ذاك، ومعها التآمر على مستقبل سوريا، وأمنها، واستقرارها، ووحدة أراضيها، واقتصادها، وحياة المواطنين فيها.

* *

إن على سوريا، حكومة ومعارضة، أن تدرك كل هذا، وأن تتجنب التصعيد، أن تدفن الفتنة، أن تضع السلاح جانباً، وأن تدرك أن حل أي إشكال إنما يتم سلماً من خلال التفاهم والحوار، والبعد عن استخدام القوة، والتفكير مهما كان حجم التنازلات لدى كل الأطراف في مصلحة سوريا ومواطنيها.

* *

ومن المؤكد أن في سوريا من يدرك أبعاد خطورة هذا القتال، وانعكاساته على مستقبل سوريا وحاضرها، وهو ما يعني أن على هؤلاء تقع المسؤولية في البحث عن مخرج سلمي لهذه الحرب، حرصاً على حماية سوريا من تداعياتها الخطرة.

* *

وليس هناك من محب ومتعاطف مع سوريا وشعبها، إلا ونظرته وتمنياته وتطلعاته أن يرى هذا القتال وقد توقف فوراً، وما من كاره أو له أطماع في سوريا، إلا وتمنياته أن يستمر القتال، وأن لا تتوقف الحرب، حتى تأكل الأخضر واليابس، دون مراعاة لما تمثِّله من خطورة وانتهاك وخسائر كبيرة سوف يدفع ثمنها الشعب السوري الشقيق.

* *

وإن أفضل موقف على الشرفاء والحكماء أن يقفوه ويتمسكوا به أمام ما يجري في سوريا الآن، هو التوسط، وبذل الجهد مع الأطراف المتقاتلة لإيقاف القتال، والسعي نحو البحث عن حلول للأزمة تقوم على مصلحة سوريا أولاً وأخيراً، ومن يفعل غير ذلك فهو إما غير آبه بهذا القتال ولا يعنيه، أو متآمر على سوريا، ويريد إنهاكها وإضعافها بمثل هذا القتال.

* *

إنها حرب عبثية بامتياز، ومن كل الأطراف الداخلية والخارجية، ومن يدفع الثمن لهذا الوقود حتى تستمر نيرانها من بلدة لأخرى هم من يتدخلون من الخارج، ومن غابت عنهم مصلحة سوريا من الداخل، أياً كانوا، ودون استثناء، فالله الله أيها السوريون لا تضيعوا بلادكم، وكونوا يداً واحدة ضد أعدائكم، وحفظكم الباري مما يبيت لكم من استهداف لتحويل سوريا إلى أرض محروقة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد