عبدالعزيز سلطان المعمري
حمّلت كلمة معالي الشيخ عبدالله بن محمد آل حامد رئيس المكتب الوطني للإعلام في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي اختتم فعالياته يوم الخميس الماضي الإعلاميين مسؤولية توظيف الإعلام في خدمة الإنسانية والأوطان، حيث وصف معاليه هذه الوسيلة بأنها «شريان الحضارات.. وأنها عصب التواصل وبناء الجسور بين الشعوب».
أهمية كلمة معالي الشيخ عبدالله بن محمد آل حامد تتضاعف كونها جاءت في لحظة مهمة من تاريخ إعادة توجيه الإعلام الخليجي بعد تلك المبادرة التي أطلقها لأبناء دول الخليج العربي بشأن إيقاف الإساءات ضد الدول الخليجية، والتي تفاعلت معها كل الدول الخليجية، ولاقت اهتماماً من العديد من المسؤولين والإعلاميين العرب بعدما أصبحت هذه الوسيلة للأسف الشديد إحدى أدوات خلق الخصومات بين الشعوب، وكذلك أداة للإساءة ضد الرموز الدينية والسياسية والوطنية.
علة الإعلام في وقتنا الحالي أنه أصبح مشاعاً، فالكل يعمل بهذه المهنة ذات الأهمية الكبرى في بناء المجتمعات وخلق التواصل بين الحضارات، والسبب يعود إلى حالة الانفجار والفوضى في وسائل التواصل الاجتماعي والتي أصبحت في يد كل الناس بمن فيهم الذين لا علاقة لهم بهذا المجال، بل إنها أتاحت الفرصة لأصحاب النوايا السيئة والخبيثة ضد الشعوب والأوطان لتوظيف الإعلام خدمة لأجنداتهم التخريبية، ولخلق مشكلات بين أبناء الوطن الواحد أو بث الفرقة والتسبب في خلافات بين الشعوب التي تجمعها الروابط الاجتماعية والثقافية، لذا أصبح علينا لزاماً وضع البرامج الإعلامية التثقيفية والتوعوية لتعزيز الفهم لدى أفراد المجتمع وتعزيز وترسيخ القيم الحميدة والسلوكيات السوية.
أكاديمياً، الإعلام يدرس في الكليات والجامعات ومع أن التركيز يكون في خلق إعلام مسؤول يخدم الأوطان والإنسانية إلا أن هناك ممارسات على أرض الواقع تختلف عما يتم تدريسه، وهذا يدفعنا إلى التأكيد بأن الإعلام ثقافة وليس تخصصاً أكاديمياً فقط، إن الإعلام يحتاج إلى الدراسة النظرية وكذلك الممارسة المسؤولة.
في كليات الإعلام توجد العديد من المساقات التي تمكن الطالب من التحليل والكتابة الإعلامية، بل تمكنه من الفهم الشامل للإعلام ونظرياته ومهاراته، إلا أنني هنا أدعو لتعزيز القدرات والمهارات التي تمكن الطالب من مواجهة خطاب الكراهية، والذي أصبح واضحاً للمراقب، خاصة المتابع للقضايا والتحولات السياسية والاجتماعية حول العالم، نرى أن اليمين المتطرف في عدد من الدول أصبح صاحب الصوت الأعلى، بل أصبح على قمة الهرم السياسي بخطابه المتطرف العنصري.
من هنا ومن خلال متابعتي للتحولات الفكرية والاجتماعية في مختلف دول العالم، راودتني بعض التساؤلات مثل كيف نحمي مجتمعاتنا وأفرادها من هذه المخاطر؟ والتساؤل الأهم لماذا لا يكون لدينا مادة علمية تدرس في المدارس تسمى الثقافة الإعلامية؟ تمكنهم من فهم وسائل الإعلام، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي وما يعرض على القنوات الإعلامية المؤدلجة، وكيف تعمل وكيف تسعى للتأثير على فكر وعقل وسلوك الجمهور؟
للثقافة الإعلامية تعريفات كثيرة، أحد التعريفات يعرفها بأنها «القدرة على متابعة وتحليل وتقييم المعلومات، إضافة إلى القدرة على توصيل المعلومات أو الرسائل عبر وسائط إعلامية مختلفة سواء كانت مطبوعة أم غير ذلك».
لذا انطلاقاً من فكرة تدريس الثقافة الإعلامية، أرى بأنه لابد من التعاون والتكامل بين قطاعين مهمين هما قطاع الإعلام والقطاع المهم والأكثر حيوية، قطاع التعليم أرى أنه من الأهمية والضرورة طرح مادة أو دروس علمية وتربوية للثقافة الإعلامية حتى يتمكن الطالب من اكتساب مهارات التفكير النقدي لتساعده في متابعة وفهم وتحليل وتقييم كل ما يصل إليه سواء من وسيلة إعلامية أو عبر منصات التواصل الاجتماعي أو كتاب أو مقال أو حتى حوار شخصي، أي أنه لابد أن يكتسب الطلبة القدرة والفهم على تقييم ومعرفة مصادر المعلومات ومعرفة ما هي توجهاتها وأفكارها وأهدافها.
ولأننا نتعلم من تجاربنا وتجارب غيرنا، لتكن المرحلة السابقة التي امتدّت من 2011 إلى وقتنا الحاضر درساً مستفاداً خليجياً وعربياً في كيفية الحفاظ على المكتسبات والإنجازات التي حققتها هذه الدول، لأنها كما يبدو الأكثر استهدافاً من الذين لا تفرحهم استقرار هذه الدول. ومن المهم البناء على المبادرة التي أطلقتها كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من منطلق المسؤولية الوطنية لكل أبناء هذه المنطقة لأن أي خلل في أي دولة لن يستثني أحداً.