إيمان عبدالله
في السنوات الأخيرة، أصبح التأمين الصحي جزءاً لا يتجزأ من البنية التحتية للرعاية الصحية في كثير من الدول؛ ومع تزايد الاعتماد على هذه الأنظمة، برزت الحاجة الملحّة إلى مراقبة كيفية استفادة المستشفيات من هذه الخدمات، لضمان تقديم رعاية صحية ذات جودة عالية، من دون استغلال غير مبرّر للموارد المالية.
إحدى القضايا الرئيسية التي تواجه أنظمة التأمين الصحي، هي التضخّم في الفحوص الطبية التي تجريها المستشفيات؛ فقد أشارت الكثير من الدراسات إلى أن بعض المستشفيات تلجأ إلى إجراء فحوص طبية غير ضرورية، بهدف زيادة الفواتير التي تقدم لشركات التأمين، وهذا التضخم لا يؤدي إلى زيادة الكلف بشكل غير مبرّر فقط، بل يعرّض المرضى لإجراءات طبية قد تكون غير ضرورية، ومن ثمّ تزيد مخاطرهم الصحية.
لتوعية المرضى دور مهم أيضاً، حيث يجب تقديم برامج توعية للمرضى عن حقوقهم، وكيفية التحقق من الفحوص الطبية الموصى بها، لضمان أنهم يتلقون الرعاية اللازمة فقط، خاصة لكبار السن الذين يُستنزفون صحياً بسبب الفحوص المكرّرة. وللحفاظ على صحتهم وراحتهم خاصة أثناء إقامتهم في المستشفى، ينبغي ترشيد الفحوص الطبية المتكرّرة، فالإفراط في إجراء الفحوص اليومية، قد يؤدي إلى إرهاق المريض واستنزاف طاقته، ما قد يؤثر سلباً في تعافيه، لذا الموازنة واجبة بين ضرورة المتابعة الطبية الدقيقة، وراحة المريض وقدرته على تحمّل هذا الكمّ من الفحوص.
المبالغة في الفحوص الطبية تؤدي إلى استنزاف الموارد المالية لأنظمة التأمين الصحي، وتأتي أهمية الرقابة على كيفية الاستفادة منه من المستشفيات في هذا السياق، لضمان تقديم خدمات طبية فعالة وذات جودة عالية، تشمل هذه المراقبة جوانب عدة، منها تحليل البيانات الطبية، وتدقيق الفواتير الطبية، وتوعية المرضى وتطوير السياسات الصحية.
يجب جمع البيانات المتعلقة بالفحوص الطبية التي تُجرى وتحليلها وبيان كلفها، واستخدام هذه البيانات لاكتشاف أي أنماط غير طبيعية أو ممارسات استغلالية. كما يجب إجراء تدقيق دوري على الفواتير الطبية المقدمة لشركات التأمين، للتأكد من مطابقتها للمعايير الطبية المقبولة، وعدم وجود تضخّم غير مبرّر.
إن المراقبة الفعّالة لكيفية الاستفادة من التأمين الصحي، ضرورة لضمان تقديم رعاية متوازنة وفعالة، وعبر تطبيق هذه المراقبة، يمكن تحقيق توازن بين تقديم الرعاية اللازمة للمرضى وضمان استدامة الأنظمة الصحية والمالية، والالتزام بتطوير هذه الإجراءات وتعزيزها، سيؤدي في النهاية إلى تحسين جودة الرعاية المقدمة، والحفاظ على الموارد المالية لأنظمة التأمين الصحي.