: آخر تحديث

نحو جودة الحياة والنجاح

19
14
15

ينمو الوعي بأثر الصحة النفسية؛ لأنها ذات وقع بالغ على حياة الإنسان، والاهتمام بها والعناية بمختلف جوانبها من الأمور البديهية والضرورية، فهي لا تختلف عن الرعاية الصحية الجسدية والوقاية من الأمراض العضوية، خاصة إذا عرفنا الأثر المباشر للصحة النفسية، في مجمل تفاصيل حياتنا، وحيويتنا وأفكارنا ونشاطنا الذهني والجسدي. إن أهمية الإلمام بها، ونشر المعارف عنها، هدف حيوي ومفيد للناس، كونها تؤثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة. على سبيل المثال؛ يقول المختصون في مجال الرعاية الصحية، والدارسون والباحثون، إن الإجهاد له تأثير في الهرمونات، فالصحة النفسية السيئة تزيد من إفراز هرمون الكورتيزول، والذي يسمى هرمون الإجهاد، وارتفاع هذا الهرمون، بشكل مستمر، له ضرر على القلب والأوعية الدموية، بل وعلى جهاز المناعة. ليس هذا فحسب، حيث يتحدث عدد من الأطباء عن زيادة إنتاج السيتوكينات الالتهابية، بسبب الضغوط النفسية. والسيتوكينات الالتهابية ضرورية لمحاربة العدوى والإصابات، ولكن عندما يحدث إفراط في إنتاجها تؤدي إلى التهابات مزمنة؛ مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، وأمراض القلب والأوعية الدموية، ولها علاقة قوية بالصحة النفسية. الإجهاد النفسي المستمر يؤدي إلى زيادة في إنتاج السيتوكينات الالتهابية، ما يؤدي إلى الاكتئاب والقلق واضطرابات المزاج.

الصحة النفسية، وطلب الرعاية في هذا المجال، لم يعودا كسابق عهدهما، من تلبس الصورة الضبابية، وعدم معرفة بالفوائد والمكاسب الصحية والمعيشية على الأفراد، والجهل أو عدم الإلمام بأثرها وفوائدها، لم يعودا حالة مقبولة، ولا مستساغة في مجتمع ينبض بالعلم والمعرفة، مجتمع يستخدم تقنيات حديثة في مجالات الاتصالات والذكاء الاصطناعي.

والحال تتسع وتتعاظم، عندما نعرف أن أثر الصحة النفسية الجيدة يمتد إلى تحقيق الإبداع، ويمهّد للنجاح والتميز؛ لأن من يتمتع بالصحة النفسية، يجد الهدوء، ويجد جودة وجمالاً في حياته، وسيكون قادراً على التفكير والتركيز والعمل والإنتاج. والاهتمام بالصحة النفسية، ومحاولة الابتعاد عن مسببات القلق والتوتر والاكتئاب والتشتت والضغوط وغيرها، ليس خياراً، بل ضرورة؛ لأن لها انعكاساً على جودة الحياة بشكل عام، ولها أثر كبير وواضح في جوانب تحقيق النجاح والإبداع والتفوق.

تبقى كثير من مجتمعاتنا العربية بحاجة إلى المزيد من المعرفة والوعي بأثر الصحة النفسية، في مجمل حياتها وتطورها وتقدمها، وفي اللحظة نفسها، هناك أهمية للتوسع في عيادات الرعاية النفسية.

 

www.shaimaalmarzooqi.com


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد