بعض المهن والوظائف، تفرض على أصحابها تحمّل قسوة الطبيعة، وتقلبات الطقس، وارتفاع درجات الحرارة أو هبوطها، والعمل في أحوال صعبة، سواء في الشتاء أو في الصيف. وكلما عبرنا شارعاً، وجدنا فيه من يعملون في ورش البناء مثلاً، ونحن لا نزال في بداية استقبال فصل الصيف بِحَرّه وشمسه، شعرنا بمعاناتهم، وبأهمية تطبيق «حظر العمل وقت الظهيرة» التي تطلقها الإمارات كل عام، وستبدأ في 15 يونيو، وتستمر حتى 15 سبتمبر المقبل.
مهم جداً الربط بين تطبيق هذه المدة، ووجود غرامات تلاحق كل من لا يلتزم بها، كي لا يكون هناك من يبدّي مصلحة عمله على صحة العاملين لديه وسلامتهم، فيظلمهم، سواء بوعي وإدراك منه، أم بجهل بمدى خطورة تعرض هؤلاء الساعين إلى كسب لقمة العيش، إلى مضاعفات صحية بسبّب ارتفاع درجة الحرارة في أوقات الظهيرة. ولافت جداً إعلان وزارة الموارد البشرية والتوطين الأخير، وبالتعاون مع جهات حكومية وخاصة، توفير ستة آلاف موقع، لاستراحة عمال خدمات توصيل الطلبات في مختلف مناطق الدولة، ليشملهم قرار الحظر، ويتّسع إطار طبيعة العمل والعاملين الذين تسهّل مهامهم، ليحصلوا على الحماية الكافية خلال وقت الحظر.
لا بدّ أن نصادف من يخالف القوانين، ويستهين بأهمية التوقف عن العمل خلال الظهيرة، التي تشكل خطراً حقيقياً على الصحة، وتتسبب بهبوط وجفاف ومضاعفات لدى أي إنسان، ومن يرى نفسه «محصّناً» ولن يصاب بضربة شمس أو إنهاك. لذلك تعدّ القوانين الرادعة والرقابة الدائمة، هي الضمان الحقيقي للحفاظ على سلامة كل الناس، بمن فيهم عمال توصيل الطلبات؛ وما أكثرهم! خصوصاً أن الستة آلاف موقع لاستراحتهم مجهزة ومكيّفة، ووصول هؤلاء العمال والسائقين إليها سهل عبر خرائط واضحة.
المعروف أن «حظر العمل وقت الظهيرة» يلزم أصحاب العمل بتوفير أماكن استراحة مظللة للعمال، ومجهزة بوسائل التبريد المناسبة، «وتوفير ماء شرب بارد يتناسب مع عدد العاملين، وشروط السلامة والصحة العامة، ووسائل ومواد إرواء، مثل الأملاح وغيرها مما هو معتمد، للاستعمال من السلطات المحلية في الدولة، إلى جانب توفير الإسعافات الأولية في موقع العمل».. ليست مسؤولية الدولة فقط، بل كلنا مسؤولون عن حماية العمال خلال الظهيرة، والمسؤولية الاجتماعية تدفعنا إلى الإبلاغ عن أي مخالفة، والتعاون مع الجهات المعنية، حفاظاً على سلامة الجميع وصحتهم.