من يتابع ما يجري في المملكة الأردنية الهاشمية يستطيع ان يفهم دون عناء ان اياد غريبة، قريبة وبعيدة، خفية وظاهرة تحرك التظاهرات اليومية قبالة سفارة اسرائيل هناك.
هذه التظاهرات التي في ظاهرها دعم الاخوة في غزة وضد حرب اسرائيل عليهم هي غير ما يدعون ومن يتمعن في الشعارات والهتافات والمطالبات والخطابات يستطيع ان يفهم ان هناك من يريد السوء لهذا البلد ويذكر بايلول الأسود عام ١٩٧٠.
تصريحات قادة حماس ومسؤولين من طهران تشي بالغرض، وتفسر ما يريده هؤلاء من المملكة، الأردن بلد مركب من فسيفساء إنسانية وإثنية ودينية متعددة الالوان والأشكال وجل سكان البلد من الفلسطينيين الذين تأردنو قبل النكبة وايضاً بعدها وخلال حرب الايام الستة او نكسة ٦٧ لكن الغالبية من هؤلاء يعتبرون انفسهم اردنيون ويدينون بالولادة للبلد وللملك.
المملكة الأردنية محاطة بأربع دول هي السعودية والعراق وسوريا وإسرائيل وللأخيرة اطول حدود مع دولة عربية نحو ٣٠٠ كلم تحدها من الشرق ولها معها معاهدة سلام منذ العام ١٩٩٤ وأمن الأردن يعتبر اسرائيليا مصلحة امن قومي.
من ناحية ثانية حدودها مع المملكة العربية السعودية تعتبر على درجة كبيرة من الاهمية لان الأردن هو بوابة الخليج الغربية وأمن الأردن من امن المملكة العربية السعودية واي خطر على الأردن هو خطر على المملكة وامنها القومي.
الحدود مع سوريا تواجه مشكلة التهريب ومحاولات جماعات مسلحة المس بامن الأردن والقوات الفاعلة على أراضيه وتحاول مليشيات ايران ومليشيات مرتبطة بالنظام السوري اختراق الحدود لتهريب المخدرات واستخدام الأراضي الأردنية لهذا الغرض لنقل المخدرات والسموم إلى الخليج، لكن وقوف الجيش الأردني بالمرصاد يشوش عمل تلك المليشيات ذات الاستعمال المزدوج من قبل ايران ونظام الاسد في سوريا.
الدعوات لتسليح الأردنيين او قل الفلسطينيين في الأردن من مليشيات عراقية وسورية وتصريحات خالد مشعل الداعية الأردنيين للخروج للشوارع وعبور الحدود لقتال اسرائيل ليست بريئة فهي مثل اخوة يوسف،والهدف مما يظهر من التحركات الجارية هو السيطرة على الأردن عبر الفلسطينيين المنساقين وراء الشعارات التحريرية الجوفاء، وتمكين حماس او حركات مماثلة لها في الأردن من السيطرة والعمل بموجب إملاءات المرشد من طهران ولإضافة دولة جديدة لهلال ايران في المنطقة من غزة إلى اليمن للعراق مرورا بسوريا ولبنان وعبر الأردن إلى الضفة الغربية والأطباق على اسرائيل من جهة وعلى المملكة العربية السعودية من ناحية اخرى.
هناك في ايران ومن يدور في فلكها من يعتقد ان خلاف الأردن مع اسرائيل حول حرب غزة سيجعل إسرائيل تتجاهل الخطر على امن الأردن من جهة ومن الميلة الاخرى يرى هؤلاء ان المملكة العربية السعودية لن تحرك ساكنا ازاء الاخطار التي تواجه الأردن بسبب قوة وقدرة محور ايران.
يبدو ان من يحاول المس بامن الأردن لم يحسب حساب الاهمية الكبرى التي توليها دول الخليج لاستقرار المملكة الأردنية الهاشمية واستعدادها لدعم الأردن بكل الوسائل بما فيها العسكرية، وربما نسي هؤلاء ان معاهدة وادي عربة مع اسرائيل تنص بين طياتها على الدفاع المشترك.
الأردن بيت النشامى بلد اصيل وبالرغم من دعوات من بعض بني إسرائيل الحالمين فان هذا البلد لن يصبح يوما وطن بديل لا للفلسطينيين ولا لغيرهم ولا يبقى في الوادي إلا حجارته.