: آخر تحديث

البريكس.. يعيد التوازن الدولي المفقود من جديد

20
20
24
مواضيع ذات صلة

يتحدثون عن البريكس ودورها القادم وتأثيرها المتوقع على الاقتصاد العالمي والسياسي في وقت لاحق.. البريكس مجموعة اقتصادية أو تكتل اقتصادي يضم خمس دول هي البرازيل والصين وروسيا وجنوب أفريقيا والهند، وهي الدول الأكثر نمواً في العالم. تأسست عام 2006 تحت اسم (بريك) وكانت تضم أربع دول حتى انضمت اليها جنوب أفريقيا ليتحول اسم المنظمة الى مسماها الحالي (بريكس) وكلمة بريكس هي الأحرف الأولى للدول الخمس المؤسسة. وتضم ذاتها أكبر خمس دول في العالم من حيث المساحة إذ تشغل مساحتها مجتمعة ما يناهز الـ40% من مساحة العالم والنسبة ذاتها من مجموع عدد سكان العالم. وإذا انضمت اليها دول كالسعودية والإمارات وفنزويلا، فإنها سوف تتحول إلى أكبر تحدٍ اقتصادي وتجاري وسياسي للولايات المتحدة وأوروبا أن استمرتا على سياستهما المتحدية للشعوب وعاداتها وتقاليدها ومواريثها وأديانها بإطلاق حرية الرأي وحقوق الإنسان لتصل إلى حرق القرآن الكريم والكتب المقدسة الأخرى، وفرض الأمر الواقع بقضايا غير مقبولة ومرفوضة في مجتمعات تلك الدول وأهمها الشذوذ الجنسي أو المثليين.

لذلك جاءت (البريكس) كمنظمة للرد والوقوف أمام هذا الموج الهائج التي تريد الولايات المتحدة فرضه كواقع غير قابل للمناقشة. لذلك نجد تطورات ملحوظة في المنظمة، فقد أكدت وزيرة خارجية جنوب افريقيا «ناليدي باندور» في مؤتمر صحفي لها على هامش استعداد بلادها استضافة القمة الخامسة عشرة للمنظمة المقرر عقدها في أغسطس الجاري بالعاصمة جوهانسبيرج بأن مجموعة من الدول أبدت رغبتها الانضمام إلى المنظمة منها السعودية والمغرب والإمارات والجزائر ونيجيريا وفنزويلا وإيران والكويت، مما يؤكد تزايد الاهتمام الدولي بهذه المنظمة التي جاءت كالمنقذ للقيم والعادات والتقاليد والتعاون الاقتصادي الحر القائم على العدالة والمساواة وسوف تصبح هاجسًا للولايات المتحدة وحلفائها الدول الأوروبية، إذا وضعنا في الاعتبار أن دول البريكس لا يشملها حاليًا تحالف سياسي، إلا أنها تنسق فيما بينها للتأثير على الاتفاقيات التجارية الأساسية لقدرتها على تشكيل قوة اقتصادية خارج مجموعة الـG7.

من أهم أهداف تأسيس هذا التكتل العالمي ما أعلنه رؤساء هذا التكتل من أن: تأسيس هذا التكتل الاقتصادي العالمي من شأنه أن يكسر هيمنة الغرب وينهي نظام القطب الواحد الذي تتزعمه أمريكا، وذلك من خلال التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي العالمي وإصلاح المؤسسات المالية، وكذلك مناقشة الكيفية التي يمكن بها للدول الأعضاء أن تتعاون فيما بينها على نحو أفضل في المستقبل.

إلى جانب ذلك، تعمل مجموعة بريكس على تحقيق مجموعة من الأهداف والغايات الاقتصادية والسياسية والأمنية عبر تعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم والتعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وهو ما من شأنه أن يسهم في خلق نظام اقتصادي عالمي ثنائي القطبية، عبر كسر هيمنة الغرب بزعامة أمريكا بحلول عام 2050.

من بين الأهداف الرئيسية للمجموعة، رغبة الدول الأعضاء في تعزيز مكانتها على مستوى العالم من خلال التعاون النشط فيما بينها لتحقيق أهدافها التي من شأنها أن تعطي زخمًا جديدًا للتعاون الاقتصادي على المستوى العالمي من خلال السعي إلى تحقيق نمو اقتصادي شامل بهدف القضاء على الفقر ومعالجة البطالة وتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي وتوحيد الجهود لضمان تحسين نوعية النمو عن طريق تشجيع التنمية الاقتصادية المبتكرة القائمة على التكنولوجيا المتقدمة وتنمية المهارات بجانب السعي إلى زيادة المشاركة والتعاون مع البلدان غير الأعضاء في مجموعة بريكس وتعزيز الأمن والسلام من أجل نمو اقتصادي واستقرار سياسي كذلك الالتزام بإصلاح المؤسسات المالية الدولية، حتى يكون للاقتصادات الناشئة والنامية صوت أكبر من أجل تمثيل أفضل لها داخل المؤسسات المالية. والعمل مع المجتمع الدولي للحفاظ على استقرار النظم التجارية متعددة الأطراف وتحسين التجارة الدولية وتهيئة الأجواء إلى بيئة مثالية للاستثمار والأهم السعي إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بالتنمية المستدامة والاتفاقات البيئية متعددة الأطراف بالتنسيق والتعاون بين دول المجموعة في مجال ترشيد استخدام الطاقة من أجل مكافحة التغييرات المناخية كذلك تقديم المساعدة الإنسانية والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية، وهذا يشمل معالجة قضايا مثل الأمن الغذائي العالمي كذلك التعاون بين دول بريكس في العلوم والتعليم والمشاركة في البحوث الأساسية والتطور التكنولوجي المتقدمة.

إلا أن أكثر ما يهدد الولايات المتحدة ويهدد هيمنتها على العالم ما تسعى اليه دول مجموعة بريكس إلى إطلاق عملة موحدة بينها، تنهي بها سيطرة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، إذ أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يونيو 2022 على أن «مجموعة بريكس تعمل على تطوير عملة احتياطية جديدة على أساس سلة العملات للدول الأعضاء».

هذا الأمر أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في يناير 2023، حينما قال: «إن مسألة إصدار عملة موحدة للدول أعضاء مجموعة بريكس ستُناقش في القمة المقرر عقدها في جنوب أفريقيا نهاية أغسطس 2023 الجاري».

وأضاف لافروف خلال مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة الأنغولية لواندا بعد الزيارة والمباحثات التي أجراها مع الرئيس جواو لورنسو في أنغولا، حيث قال: «هذا هو الاتجاه الذي تسير فيه المبادرات التي ظهرت قبل أيام فقط بخصوص الحاجة إلى التفكير في إنشاء عملات خاصة داخل مجموعة دول بريكس وداخل مجتمع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي».

الخلاصة... إذا تحقق ذلك فنحن أمام عالم جديد.. وقطب جديد يعيد الأمور إلى نصابها.. عالم سوف يكسر الهيمنة الامريكية ويعيد للعالم توازنه المفقود بعد تدمير الاتحاد السوفيتي في عام 1990، ويصبح للقضايا الدولية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مساحة للمناقشة الحرة بين كل الدول بالتساوي لا بفرض الأمر الواقع كما هو واقع الحال في وقتنا الحاضر للأسف.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد