: آخر تحديث

سِنُّ النضج والإبداع

22
24
26
مواضيع ذات صلة

دائماً ما نطلق على الأمس القريب والبعيد، والذين عاشوا فيه من جيل الآباء والأجداد، «الزمن الجميل» أو «زمن الطيبين»، خصوصاً نحن الذين نقاوم بوادر الكهولة قبل الشيخوخة، وقد يُطلق علينا نحن أيضاً «جيل الزمن الجميل» أو «جيل الوسط»، تكريماً واحتراماً لأعمارنا أو ماضينا الفائت أو تقديراً لما قدّمنا من عمل.. وهو ما ينبئ عن تعاطف الآخرين معنا، لكي لا نشعر بالإحباط واليأس والخمول، رغم أن هناك دراسات طبية حديثة تقول بأن من هم في أعمارنا ما يزالون قادرين على العمل والعطاء والإبداع والتميز، من خلال خبراتهم المتراكمة وتجاربهم المخضرمة، ونضجهم الفكري والاجتماعي والعلمي، ومعرفتهم ببواطن الأمور وخفاياها.
يقول عميد كلية الطب بجامعة جورج واشنطن لـ «نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين»، إن دماغ الشخص الأكبر سناً هو أكثر نضجاً مما يُعتقد عموماً. ورغم ذلك نجد أن الشخص يحال إلى التقاعد في هذا العمر بحجة انتهاء دوره في العمل، ويستبدل بشخص أصغر سناً وأقل خبرة.

والحقيقة أن الإنسان في الفترة بين الستين والثمانين من عمره، يصبح تفاعل نصفي الدماغ (الأيمن والأيسر) عنده متناغماً ومنسجماً، مما يوسع إمكانياته الإبداعية بالتساوي. وهذا هو السبب في أنه من بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً، يمكنك العثور على العديد من الشخصيات التي ازدادت أنشطتها الإبداعية وخبرتها المتراكمة.

ولم يعد الدماغ بالسرعة التي كان عليها في الشباب، لكنه يكتسب المرونةَ والرجاحةَ مع تقدمنا ​​في العمر، حيث يصبح من المرجح أن نتخذ القرارات الصحيحة، ونكون أقل تعرضاً للمشاعر السلبية، حيث تحدث ذروة النشاط الفكري البشري في سن السبعين تقريباً، أي عندما يبدأ الدماغ في العمل بكامل قوته. وبمرور الوقت، تزداد كمية «المايلين» في الدماغ، وهو مادة تسهِّل المرورَ السريع للإشارات بين الخلايا العصبية. ونتيجة لذلك تزداد القدرات الفكرية بنسبة 300% مقارنة بالمتوسط.
ومن المثير للاهتمام أنه بعد سن الستين، يمكن لأي شخص استخدام نصفي دماغه في الوقت نفسه، وهذا يسمح له بحل مشاكل أكثر تعقيداً.

ويعتقد البروفيسور مونشي أوري من جامعة مونتريال، أن دماغ الرجل المسن يختار المسار الذي يستهلك طاقةً أقل، ويزيل ما هو غير ضروري ولا يترك سوى الخيارات الصحيحة لحل المشكلة. 
وقد أُجريت دراسةٌ شملت مختلفَ الفئات العمرية، حيث كان الشباب مرتبكين للغاية عند اجتياز الاختبارات، بينما اتخذ من تجاوزوا الستين من العمر القراراتِ الصحيحةَ السليمة.

والآن دعونا نلقي نظرةً على خصائص الدماغ للذين تتراوح أعمارهم بين 60 و80.. إنها حقاً وردية، فالخلايا العصبية في الدماغ لا تموت، كما يعتقد كل من حولك، بل تختفي الروابط بينها إذا لم ينخرط المرء في عمل عقلي. وينشأ النسيان بسبب كثرة المعلومات، لذا ليس من الضروري أن تركز حياتَك كلها على تفاهات غير ضرورية.

ومن هذا نستنتج أنه إذا كان الشخص يعيش حياةً صحية، ويتحرك بنشاط بدني مقبول وينشط عقلياً بالكامل، فإن القدرات الذهنية لا تنخفض مع تقدم العمر، بل تنمو وتنضج، وتصل إلى ذروتها في سن 80-90 عاماً. لذا لا تخافوا من الشيخوخة، وكونوا جاهزين لتطوير فكركم وعطائكم. 
*كاتب سعودي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد