: آخر تحديث

إضراب الكتّاب

23
24
25
مواضيع ذات صلة

نقرأ في الأخبار أو نسمع عن إضرابات العمّال والموظفين عن العمل احتجاجاً على ظروف عملهم، وللمطالبة برفع رواتبهم، كإضراب عمّال النفط أو المناجم أو المطارات وحتى الطيارين وسائقي القطارات، ما يؤدي إلى تعطل رحلات الطيران أو توقف حركة النقل، وعادة تنتهي هذه الإضرابات بمفاوضات تخوضها النقابات مع الشركات التي يعملون فيها أو مع الحكومات، بالوصول إلى حلول يوافق عليها الطرفان، لكن ما أكثر ما تنتهي الإضرابات بقمعها من قوات الأمن، دون الاستجابة لما طالب به المضربون.

نحن اليوم إزاء إضراب فريد من نوعه، هو إضراب الكتّاب، وتحديداً كُتاب السينما والتلفزيون في هوليوود، والذين تقدّر أعدادهم بالآلاف، وما أدراكم ما هوليوود، صانعة النجوم والمشاهير، ومعقل الصناعة السينمائية الأول في العالم، والفاعل الأكبر في تشكيل ذائقة مشاهدي الفن السابع على المستوى العالمي، وأحد أهم أذرع القوة الناعمة الأمريكية، التي وُظفت، فيما وُظفت، في الحرب الأيديولوجية فترة الحرب الباردة، وربما ما زالت توظف.

بدأ الإضراب قبل أسابيع بعد انهيار المفاوضات مع الاستوديوهات الكبرى حول الأجور، وشارك فيه أكثر من 9000 كاتب، أي مَن يعادلون 98 في المئة من الأعضاء الذين لهم حق التصويت، في نقابات العاملين في هوليوود، ورغم أنه ليس الإضراب الأول من نوعه في تاريخ هوليوود، ولكنه الأول منذ 15 عاماً؛ حيث دخل الكُتاب في إضراب لمدة 100 يوم في عام 2007، ولكن في هذه المرة، يتصادم الكُتاب مع تحالف منتجي الصور المتحركة والتلفزيون، الذي يمثل الاستوديوهات الرئيسية، بما يشمل ديزني ونتفليكس، للمطالبة بأجور أعلى وحصة أكبر من أرباح طفرة البث الحديثة؛ حيث يحرم الكتّاب من نصيبهم من مسلسلاتهم الناجحة التي تعرض على منصات البث.

تتمحور القضايا الرئيسية التي أدت إلى الإضراب حول سبل تقاضي الكُتاب رواتبهم نظير العروض التي تظلّ على منصات البث لسنوات، بالإضافة إلى التأثير المستقبلي للذكاء الاصطناعي في عملية الكتابة، وانخراط شركات الإنتاج في تغذية أجهزة هذا الذكاء بما كتبه كتّاب السيناريو دون نيلهم أي حقوق، ما يجعل «استمرار الكتابة كمهنة على المحك»، وهذا ما عبّر عنه أحد المشاركين في الإضراب، موضحاً أنه والشباب وذوي البشرة الداكنة والملونين والسكان الأصليين، جاؤوا بموجة جديدة كاملة من الإبداع تسرق منهم بسبب الذكاء الاصطناعي، فيما قال آخر، إنه عندما فاز هو وزملاؤه بجائزة أفضل مسلسل كوميدي ذهب إلى حفل جوائز نقابة الكُتاب الأمريكية، مرتدياً بدلة اشتراها له أصدقاؤه وعائلته، فيما استأجر ربطة عنقه: «لم تكن لديّ أي نقود، وكان حسابي المصرفي بالسالب».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد