صفاء الصبري
رغم كل ما خضع له القفطان في السنوات الأخيرة من عمليات تطوير ليواكب العصر والجيل الجديد من الشابات، ظل رافضاً أن يتنازل ويدخل الحياة اليومية. فقد بقي قطعة ثمينة وفخمة لا يجرؤ المصممون على أن يتلاعبوا بها، ولا المرأة على أن ترتديها خارج إطار المناسبات الكبيرة. كان للأسباب ما يُبررها في العقود الماضية. فقد كان غالباً من نوع «الهوت كوتير»: المُثقل بالأقمشة المترفة والتطريزات السخية. مؤخراً انتفت هذه الأسباب، وأصبح بالإمكان ارتداء كل الأزياء المغربية التقليدية، بما فيها القفطان، في مناسبات يومية، بفضل شريحة من الشباب يريدون أن يعانقوا هويتهم في كل المناسبات والمحافل. ما نجحت فيه هذه الشريحة أنها تمكنت من دمجه بطريقة ذكية وأنيقة مع قطع عصرية. وكانت النتيجة أنها خلقت إطلالة تمزج بين سحر الشرق وروح العصر. ولا يختلف الأمر هنا بين الرجل والمرأة.
في هذا الصدد يقول عبد الوهاب بنحدو، وهو مصمم أزياء وخبير في تنسيق الصورة وإطلالات النجوم، بأنه حالياً يحرص في كل تصاميمه على المزج بين خصائص الزي التقليدي، ويتعمد مزاوجتها بقطع عصرية حتى تكتسب تميزاً وفي الوقت ذاته حيوية تجذب الشباب من الجنسين.
ويشير بنحدو إلى أنه قدم دليلاً كاملاً حول طرق مزج اللباس التقليدي مع قطع عصرية لجعله ملائماً للمناسبات اليومية، مؤكداً أن المرأة أكثر حظاً من الرجل في هذا المجال. فالخيارات أمامها أكبر، الأمر الذي يسمح لها بتجديد إطلالاتها في كل مرة، بإضافة قطعة مختلفة أو إكسسوار لافت أو فقط بتغيير لونها. يشرح أنه بإمكانها مثلاً اعتماد قطعة «الجامبسوت»، وهي قطعة عصرية رائجة في السنوات الأخيرة وظهرت في العديد من العروض العالمية، وإضافة لمسات تقليدية عليها، إما من خلال الإكسسوارات وإما باختيارها من أقمشة خفيفة أو بألوان مثل الأزرق والمرجاني الضارب إلى الحمرة «لأنها ألوان تستحضر أجواء وسحر الشرق أكثر».
الإكسسوارات التي يقصدها بنحدو لا بد أن تكون -حسب رأيه- «مطبوعة بلمسات تقليدية، سواء كانت حقيبة مطرزة، أو حزاماً مشغولاً يدوياً بخيوط من الذهب أو الفضة، أو قلادة ضخمة بلمسات إثنية». ويتابع: «بالإمكان تنسيقها مع حذاء عالٍ أو بواحد مستوحى من تصميم (البلغة) المغربية التقليدية، خصوصاً أن هذا التصميم اكتسب روحاً عالمية بفضل مصممين من أمثال كريستيان لوبوتان وبرادا وغيرهما من الأسماء العالمية التي تطرحه حالياً بألوان وتطريزات مُغرية».
أما إذا كانت المرأة أكثر جرأة فيُمكنها أن تذهب إلى أبعد من ذلك، وتستعمل «الفوقية»، وهي القطعة المكملة للقفطان، وتكون عادةً خفيفة بتطريزات تقليدية، مع بنطلون جينز وتركها مفتوحة من أسفل. في هذه الحالة يجب أن تكون الأكمام غير واسعة حتى تكون عملية.
من جهة ثانية يمكن أيضاً اعتماد قطعة الكيمونو «فهي قطعة أخرى رائجة عالمياً، وجذبت اهتمام المرأة المحجبة لأنها تحقق لها عنصر الحشمة، كما شدت انتباه الفتيات المواكبات للموضة». للتميز بهذه القطعة ذات الإيحاءات الآسيوية، يقول بنحدو بأنه «لا بأس من إضافة بعض العناصر التقليدية، كتزيين جوانبها بتطريزات على يد حرفي، وإدخال فتحات جانبية عليها تجعلها في غاية الأناقة عندما يتم ارتداؤها مع بنطلون ضيق أو من الـ«جينز» وحذاء رياضي.
ورغم أن الرجل لا يملك نفس مساحة الخيارات، فإنه الأكثر استفادة من دمج قطع الأزياء التقليدية بالعصرية. فالملاحظ في الشارع المغربي في الآونة الأخيرة أنه لم يعد يحبذ ارتداء اللباس التقليدي من الرأس إلى القدمين كما كان أجداده يفعلون في السابق، بل يرغب في فرض أسلوبه الخاص بمزج قطع أنيقة وعملية لا تحد من حركته وتناسب أسلوب حياته في الوقت ذاته. من هذا المنظور، فهو يتبنى كل ما هو عصري ويضيف إليه لمساته وهويته من خلال جرعات خفيفة من الصناعة التقليدية اليدوية.
ويستدل بنحدو على هذا بـ«اليسترة» التي يستخدمها الرجل المغربي بغض النظر عن عمره وذوقه وأسلوب حياته. يمكنه بكل بساطة تنسيقها مع وشاح مشغول باليد تتخلله تطريزات وزخرفات تقليدية، أو ارتداء عمامة ملفوفة على الطريقة المغربية بدل القبعة. هنا أيضاً يمكنه الاستعانة بـ«خدمة المعلم» بأن يطلب منه أنه يُطرز له رابطة عنق فيحوّلها من رابطة عادية بلون هادئ إلى مركز جذب يشي بذوقه الخاص من جهة واعتزازه بهويته من جهة ثانية.
ولا يرى بنحدو أي خطأ في أن يستغني الرجل عن الحذاء العصري وأن يستبدل به «البلغة» أو «البابوش» المغربي الذي يتم ارتداؤه عادةً مع الزي التقليدي إذا كانت المناسبة عادية وحميمة.
أما في حال أراد الرجل مظهرا أكثر جرأة، فيقترح المصمم وخبير الأزياء، «تي - شيرت» أو كنزة صوفية أو من القطن مع السروال المغربي التقليدي الواسع الذي يضيق عند الركبة وتكون له جيوب كبيرة مطرزة بـ«خدمة المعلم» و«السفيفة» أو «العقاد». يمكن أيضاً عكس الصورة بتنسيق بنطلون مفصل أو «جينز» بلون غامق وحذاء رياضي، مع سترة تقليدية مطرزة من الجوانب. وتعتبر هذه الإطلالة الأكثر انتشاراً بين الشباب. فإلى جانب أنها تمنحهم التميز المطلوب فهي أيضاً عملية وتُعبر عن هويتهم.