لحسن مقنع
رفضت النيابة العامة تسلم تقرير طبي قدمه للمحكمة دفاع المعتقلين على خلفية الأحداث التي عرفتها مدينة الحسيمة (شمالي المغرب) الصيف الماضي، ونسبه الدفاع إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأوضح الدفاع أن التقرير، الذي أنجزته لجنة تابعة لمجلس حقوق الإنسان وضمت طبيبا شرعيا، أكد تعرض المعتقلين إلى التعذيب خلال الاعتقال والتحقيق. وطالب ممثل النيابة العامة من هيئة المحكمة رفض التقرير، معتبرا أنه «وثيقة غير قضائية»، وشكّك في صحتها. وأثار موقف النيابة العامة ضجة في القاعة خاصة وسط المحامين، الذين اعتبروه تشكيكا في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة دستورية وعضو في المجلس الأعلى للقضاء.
وأوضح ممثل النيابة العامة أن المقصود بكلامه هو تقرير الخبرة الطبية، وليس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه يتشكك في صحتها، ويطالب بعدم اعتمادها من طرف المحكمة لأنها «وثيقة غير قضائية». وأكد الدفاع ضرورة التسجيل في محاضر الجلسة على أنه قدم الوثيقة خلال جلسة علنية، وأن النيابة العامة شككت في مؤسسة دستورية ووطنية.
كما طالب الدفاع ببطلان محاضر الشرطة للقضائية باعتبار أن الإدارة العامة للأمن الوطني ووزارة الداخلية قد نصبتا نفسيهما طرفا مدنيا في القضية. وقال: «لو أن بعض أفراد هذه الإدارة هم الذين نصبوا أنفسهم طرفا مدنيا باعتبارهم ضحايا لأعمال العنف، لكان الأمر مفهوما. لكن أن تنصب الإدارة العامة ووزارة الداخلية نفسها كطرف ينزع الحياد عن المحاضر التي أنجزتها هذه الإدارة، فهذا ليس مفهوما».
وطعن الدفاع أيضا في محاضر الاستماع إلى المكالمات، مشيرا إلى أنه طلب التنصت الذي قدمه ضابط شرطة، والإذن الذي حصل عليه من النيابة العامة، وأمر التنصت الصادر عن قاضي التحقيق، كل ذلك تم في يوم واحد هو أول ديسمبر (كانون الأول) 2016، غير أن التنصت لم يبدأ إلا في يوم 6 فبراير (شباط) 2017، كما أن هذه الإجراءات لم تحترم مقتضيات القانون المنظم للتنصت على المكالمات الهاتفية، خاصة تبرير العملية وضرورة القيام بها من طرف تقني تابع لشركة الاتصالات، كما أشار الدفاع إلى الاعتماد على أحد الحراس في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء لترجمة محتوى المكالمات التي جرت باللهجة الريفية بدل الاعتماد على ترجمان محلف كما ينص القانون. وقال الدفاع إن محاضر التصنت خضعت لتلاعب وتزوير خلال ترجمتها.
وواصلت المحكمة أمس الاستماع إلى الدفوع الشكلية لدفاع المتهمين، والبالغ عددهم 54 متهما، يواجهون تهما تصل عقوبتها إلى الإعدام، منها المس بأمن الدولة والتآمر. ويرتقب أن تشرع المحكمة في استنطاق المتهمين خلال الجلسة المقبلة، المقررة الثلاثاء المقبل، بعد الاستماع لردود النيابة العامة.