محمد الشرقي
رسم صندوق النقد الدولي آفاقاً متفائلة لمستقبل الاقتصاد المغربي على المدى المتوسط، بالاستناد إلى نتائج الإصلاحات التي اعتُمدت في السنوات الأخيرة ومكّنت من استعادة وتيرة النمو، وأدت إلى تراجع عجز الموازنة وميزان المدفوعات الخارجية.
وتوقع المجلس التنفيذي في الصندوق في تقرير صدر أول من أمس في واشنطن في إطار المادة الرابعة، أن «يسجل الاقتصاد المغربي نمواً يبلغ 4.4 في المئة نهاية السنة، على أن ينخفض التضخم إلى 0.6 في المئة مدفوعاً بمحصول زراعي جيد وتحسن أداء الصادرات الصناعية والغذائية والفوسفات ومشتقاته، فضلاً عن انتعاش اقتصادات منطقة اليورو».
وأشار التقرير إلى أن «آفاق المدى المتوسط لا تزال مواتية في المغرب، إذ رجح أن يصل النمو إلى 4.5 في المئة بحلول 2021، غير أن الأخطار لا تزال مرتفعة وتتعلق أساساً بمستوى النمو في الدول المتقدمة والصاعدة، والتوترات الجيوسياسية في المنطقة العربية، إضافة إلى تقلب الأسواق المالية العالمية وأسعار الطاقة». ولم يستبعد الصندوق أن «يسجل النمو 3.1 في المئة العام المقبل» لأسباب «مناخية».
وأثنى على أداء السلطات المالية في المغرب، لـ «سلامة سياستها الاقتصادية الكلية». وشدد التقرير على أن «الإصلاحات ساعدت في تعزيز صلابة الاقتصاد المغربي وتطوير آليات المال العام لزيادة تنويع الاقتصاد»، لافتاً إلى أن «دعم المكاسب المحققة والعمل على تحقيق نمو أعلى وأكثر إدماجاً لمختلف شرائح المجتمع، تحتاج إلى الحفاظ على سياسة مالية ونقدية سليمة، ومواصلة جهود الإصلاح الهيكلي وتقوية الحماية الاجتماعية».
واعتبر الصندوق أن «النمو الاقتصادي على رغم تحسنه، لم يستفد منه بعض فئات المجتمع المغربي، إذ لا تزال البطالة المرتفعة عند مستوى معدل 10.6 في المئة في الربع الثالث من السنة، وهي أكثر ارتفاعاً لدى الشباب والمتعلمين بنسبة تقارب 30 في المئة»، لافتاً إلى أن «استمرار تحقيق ارتفاع في النمو الاقتصادي في المدى المتوسط مرهون بالاستمرار في تنفيذ إصلاحات شاملة لتعزيز كفاءة سوق العمل وفرص الحصول على التمويل لإنشاء المشاريع الخاصة ونجاعة الإنفاق العام وتحسين مناخ الأعمال الذي يحتل في المغرب الرتبة 69 عالمياً».
وأكد «أهمية تعزيز نظام الرعاية الاجتماعية وجودة التعليم لتحقيق مزيد من النمو الاندماجي للفئات الهشة وتعميم فوائد النمو ليشمل المواطنين كافة، واتخاذ خطوات لتحسين توجيه الإنفاق الاجتماعي لحساب الشرائح السكانية المحدودة الدخل، وتنفيذ اللامركزية المالية وزيادة حصة النساء في العمل».
ومن وجهة الصندوق، حقق المغرب نتائج جيدة في الإصلاحات الماكرو اقتصادية، وحان الوقت لنجاحات مماثلة في المجالات الاجتماعية وفرص عمل للشباب، وهي الفئات التي كانت أقل استفادة من التوسع الاقتصادي الذي سجله المغرب في السنوات الأخيرة، إذ انتقل الناتج الإجمالي الاسمي من 107 بلايين دولار عام 2013 إلى 117 بليون دولار عام 2018. وكان الصندوق توقع في تقرير سابق أن يرتفع الناتج المغربي إلى 123 بليون دولار عام 2020 و138 بليوناً في عام 2022.
ويبدو خروج المغرب إلى الأسواق الأفريقية وتوسع شركات في عدد من الدول جنوب الصحراء، عنصرين مساعدين في زيادة أداء الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وتحقيق الريادة الإقليمية في عدد من المجالات، ومنها الإنتاج الغذائي والطاقات المتجددة والنظامين المالي والمصرفي.
وأكد الصندوق أن «القطاع المصرفي في المغرب يحتفظ بسلامة أوضاعه وكفاية رسملته، إذ تتمتع البنوك المغربية بمستوى جيد من الرسملة ولا توجد إلا أخطار محدودة، كما يتم تعزيز الضوابط التنظيمية وتوثيق التعاون مع الأجهزة الرقابية العابرة الحدود لاحتواء الأخطار المتعلقة بتوسيع نشاط المصارف المغربية في أفريقيا».
في سياق منفصل، يشارك المغرب في القمة 52 لقادة «دول الاتحاد الاقتصادي لغرب أفريقيا» (Cedeao) الذي انطلق أمس في أبوجا عاصمة نيجيريا. وستبحث القمة في طلب انضمام المغرب إلى الاتحاد الاقتصادي، وعضوية تونس وموريتانيا كدول مراقبة. ويضم الاتحاد نحو 300 مليون نسمة وبحجم اقتصادي يتجاوز 800 بليون دولار.
من جهة أخرى، صادق المجلس التنفيذي في صندوق النقد، على منح موريتانيا قرضاً بقيمة 164 مليون دولار لزيادة النمو الاقتصادي وتطوير الأداء وتقليص الفقر وتحسين مناخ الأعمال.