إيلاف من لندن: في خطوة رمزية وتاريخية، قدمت الكنيسة النرويجية اعتذاراً رسمياً عن "الأذى والتمييز" الذي مارسته على مدى عقود ضد مجتمع "الميم"، وذلك في حفل مؤثر أقيم في حانة "لندن باب" بأوسلو، نفس المكان الذي شهد مذبحة دموية خلال احتفالات فخر المثليين عام 2022.
أمام ستائر حمراء في المركز الثقافي البارز، أعلن رئيس الأساقفة أولاف فيكس تفييت، الخميس، عن هذا التحول الجذري. وبحسب ما نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية، قال تفييت بنبرة واضحة: "تسببت كنيسة النرويج في إلحاق العار والأذى العميق والألم بأفراد مجتمع الميم، وهذا ما لم يكن يجب أن يحدث أبداً، ولهذا أتقدم باعتذاري اليوم". وأقر بأن ممارسات الكنيسة من "تمييز ومعاملة غير متكافئة ومضايقات" أدت إلى فقدان بعض الأشخاص لإيمانهم.
من التجريم إلى الاعتذار: رحلة الكنيسة الطويلة
يمثل هذا الاعتذار طي صفحة مظلمة في تاريخ الكنيسة اللوثرية الإنجيلية الأكبر في البلاد. فلعقود، مارست سياسة تهميش ممنهجة، ومنعت أفراد مجتمع "الميم" من أن يصبحوا قساوسة أو يعقدوا قرانهم في الكنائس. ووصل الأمر في خمسينيات القرن الماضي إلى حد وصف أساقفتها للمثليين بأنهم "خطر اجتماعي بأبعاد عالمية".
لكن مع تحول النرويج إلى مجتمع أكثر تحرراً، حيث أصبحت ثاني دولة في العالم تسمح بالشراكات المسجلة للمثليين عام 1993، وأول دولة إسكندنافية تبيح زواج المثليين عام 2009، بدأت الكنيسة رحلة تغيير بطيئة. ففي عام 2007، سمحت بترسيم قساوسة من المثليين، ثم أتاحت زواج المثليين في كنائسها عام 2017، ووصل التحول إلى ذروته بمشاركة رئيس الأساقفة تفييت نفسه في مسيرة فخر المثليين عام 2023.
ردود فعل متباينة: بين "الإصلاح" و"الاعتذار المتأخر"
تباينت ردود الفعل على الاعتذار. هان ماري بيدرسن إريكسن، رئيسة شبكة المسيحيات المثليات في النرويج، رأت أنه يمثل "إصلاحاً مهماً" ويغلق "فصلاً مظلماً".
في المقابل، اعتبر ستيفن آدوم، رئيس الرابطة النرويجية للتنوع الجنسي والجندري، أن الاعتذار "جاء متأخراً جداً" بالنسبة لأولئك الذين توفوا بمرض الإيدز وهم يعانون من نظرة الكنيسة للمرض كـ"عقاب إلهي".
ظاهرة عالمية
لا تعد كنيسة النرويج الأولى في هذا المسار. ففي عام 2023، قدمت كنيسة إنجلترا اعتذاراً عن معاملتها "المخزية" للمثليين، كما اعتذرت الكنيسة الميثودية في أيرلندا العام الماضي، بينما ذهبت الكنيسة المتحدة في كندا هذا العام إلى الاعتذار لمجتمعات "تو سبيريت" والمثليين، مؤكدة التزامها بـ"الترحيب الجذري والاندماج الكامل".
* أعدت إيلاف التقرير عن "ذا غارديان": المصدر