قطاع غزة: تتزايد الضغوط الدولية الثلاثاء من أجل التوصل إلى اتفاق هدنة بين إسرائيل وحركة حماس يتضمن إطلاق سراح رهائن جدد، بعد إعلان إسرائيل عن هجوم وشيك على رفح التي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني من قطاع غزة.
من المتوقع أن يصل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز إلى القاهرة الثلاثاء لعقد جولة جديدة من المحادثات حول اتفاق بوساطة قطرية، يتعلق خاصة بإلافراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، وفق مصادر مطلعة على التطورات.
وأمر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الجيش الإسرائيلي "بالتحضير" لهجوم على مدينة رفح الواقعة على الحدود مع مصر، حيث يتكدس أكثر من 1,3 مليون نازح فلسطيني وسط ظروف إنسانية ومعيشية يائسة، بحسب الأمم المتحدة.
وتعهد نتانياهو الاثنين مواصلة الهجوم العسكري بالقول "وحده الضغط العسكري المتواصل حتى النصر الكامل سيؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن".
وقبل ذلك بساعات، أعلنت إسرائيل أنّها تمكّنت من تحرير رهينتَين يحملان الجنسيتين الإسرائيلية والأرجنتينية كانا محتجزين في قطاع غزة، خلال عمليّة ليليّة في رفح.
ورافقت العملية الإسرائيلية هذه ضربات اودت بحياة مئة شخص، على ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ عام 2007.
والثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل ثلاثة جنود خلال القتال في قطاع غزة، ليرتفع بذلك عدد قتلاه منذ بدء العملية البرية في 27 تشرين الأول/أكتوبر إلى 232 جنديا.
وضع إنساني "لا يطاق"
وتعارض الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، شن عملية واسعة النطاق دون ضمان سلامة المدنيين العالقين على الحدود المغلقة مع مصر في أقصى جنوب القطاع.
وحضّ الرئيس الأميركي جو بايدن مجدّداً إسرائيل على وجوب وضع "خطّة ذات صدقيّة وقابلة للتنفيذ" لحماية المدنيين في أيّ هجوم على رفح، خلال اجتماعه مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض.
كما شكر الأردن على تقديم المساعدات الإنسانية لغزة مشيراً على وجه الخصوص إلى دفعة ألقيت "قبل أيام قليلة" عندما استقل الملك عبد الله الثاني "الطائرة بنفسه وساعد في إنزال الإمدادات الطبية العاجلة من الجو إلى غزة".
من جانبه، أكد الملك عبد الله الثاني الذي دعا "إلى وقف إطلاق نار مستدام وفوري" في غزة، أنّ العالم "لا يمكنه تحمّل (عواقب) هجوم إسرائيلي" على رفح حيث الوضع "أصلا لا يطاق".
واشار بايدن الذي ما زال يرفض التحدّث حالياً عن وقف دائم لإطلاق النار، إلى أن "الولايات المتحدة تعمل من أجل التوصل لاتفاق للإفراج عن الرهائن بين إسرائيل وحماس يسفر فوراً عن فترة تهدئة في غزة لستة أسابيع على الأقل".
وحضّت الصين إسرائيل الثلاثاء على وقف عمليتها العسكرية في مدينة رفح "في أقرب وقت ممكن"، محذّرة من "كارثة إنسانية" في حال تواصل القتال.
كما حذر وزير خارجية النروج اسبن بارت ايدي الثلاثاء من مغبة شن هجوم عسكري اسرائيلي بالقول في منشور على موقع "إكس" (تويتر سابقاً) "أكرر بشدة تحذيري من القيام بعملية برية في رفح. لم تعد هناك أي أماكن آمنة في غزة".
وأضاف أن "العملية البرية ستؤدي إلى تفاقم الوضع الكارثي بالفعل وتجعل الدعم الإنساني شبه مستحيل" داعيا "إلى وقف دائم لإطلاق النار الآن".
اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 28473 شخصا في قطاع غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وتبدو حالة الرهينتين المحرّرين الاثنين، فرناندو سيمون مارمان (60 عامًا) ولويس هار (70 عامًا)، مستقرة، ولكن بعد 128 يوما من اختطافهما، تظهر عليهما "علامات واضحة" على "نقص الرعاية الطبية"، بحسب متحدث باسم مستشفى بالقرب من تل أبيب.
وتقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، من بينهم 29 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوافي 7 تشرين الأول/أكتوبر. وسمحت الهدنة التي استمرت أسبوعا في تشرين الثاني/نوفمبر بإطلاق سراح 105 رهائن في مقابل 240 معتقلا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.
إلى القمر؟
وامام المخاوف الدولية من هجوم عسكري واسع النطاق، قال نتانياهو الأحد إن إسرائيل ستفتح "ممراً آمناً" يمكن السكان من مغادرة رفح، دون أن يحدد الوجهة.
وانتقد كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات نتانياهو يشأن إجلاء الفلسطينيين من رفح متسائلا "سيتم إجلاؤهم ... إلى أين؟ إلى القمر؟".
أمّا المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك فقال الإثنين إنّ الأمم المتحدة لن تشارك في عملية "التهجير القسري للسكان" في رفح.
ومن المتوقع أيضًا أن يتوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دبي الثلاثاء وإلى القاهرة الأربعاء.
وحذرت حماس الأحد من أن الهجوم على رفح من شأنه أن "ينسف" أي اتفاق بشأن الرهائن.
وفرّ بحسب الأمم المتحدة نحو 1,7 مليون شخص من إجمالي 2,4 مليون نسمة منذ اندلاع الحرب وتدمير أحياء وبلدات بأكملها في القطاع الغارق في أزمة إنسانية كبرى. وقد نزح العديد منهم عدة مرات، وفروا إلى الجنوب مع توسع القتال.
ورفح التي تحولت إلى مخيم ضخم، هي آخر مدينة في القطاع لم ينفّذ فيها الجيش الإسرائيلي بعد هجوماً برياً، كما أنها نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات الإنسانية الشحيحة التي لا تكفي لتلبية احتياجات السكان المهددين في ظل البرد بالمجاعة والأوبئة، بحسب برنامج الأغذية العالمي التابع للامم المتحدة.