لندن: أقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الوزير ناظم الزهاوي الذي يرأس حزب المحافظين، بسبب "انتهاكه الجسيم" للأنظمة الوزارية في قضية نزاعات ضريبية، وذلك في قرار حازم يسعى من خلاله لاحتواء القضية وتداعياتها.
والزهاوي البالغ 55 عاماً وزير بلا حقيبة، وخلص تحقيق مستقل كان سوناك قد أمر به الإثنين إلى أن الأول مذنب "بانتهاك جسيم للأنظمة الوزارية".
وقال رئيس الحكومة في رسالة "بناء على ذلك، أبلغكم بقراري إقالتكم من مهامكم في الحكومة".
وسوناك الذي تولى رئاسة الحكومة قبل أقل من مئة يوم، يواجه أوضاعاً متأزمة في المملكة المتحدة من جراء إضرابات متتالية وتضخّم تتخطى نسبته عشرة بالمئة.
ترسيخ سلطة سوناك
وهو بقراره إقالة الزهاوي بدلاً من أن يطلب منه الاستقالة، يسعى إلى ترسيخ سلطته، بعدما تعهّد اعتماد "النزاهة" والمهنية والمسؤولية لدى وصوله إلى داونينغ ستريت التي شهدت في عهد رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون سلسلة فضائح، تلتها اضطرابات كبرى في الأسواق في عهد رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس.
واتّهمت المعارضة العمّالية رئيس الحكومة بـ"الضعف"، وهي تمارس ضغوطا مستمرة على سوناك الذي دعته إلى كشف ما كان يمتلكه من معلومات حول المتاعب الضريبية للزهاوي.
وكان الزهاوي قد توصّل في آب/أغسطس 2022 إلى اتفاق مبدئي مع السلطات الضريبية، وكان حينها وزيرا للمالية في حكومة جونسون، وقد تمت المصادقة على الاتفاق بعد شهر.
أفادت تقارير صحافية بأن الزهاوي سدّد للسلطات الضريبية المبالغ التي كانت متوّجبة عليه والبالغة نحو خمسة ملايين جنيه استرليني (5,7 ملايين يورو) مع الغرامات.
لكنّه لم يصدر إقراراً علنياً بذلك إلا في 21 كانون الثاني/يناير.
وتوصل مستشار الأخلاقيات لوري ماغنوس إلى أنّ ناظم الزهاوي كان يجب أن يعلن عن التحقيق الضريبي الذي كان يستهدفه، كما كان عليه أن يحدّث الإقرارات الضريبية الخاصة به بمجرّد تسوية نزاعه مع السلطات الضريبية.
"إهمال" الزهاوي
وفي هذا السياق، أشار إلى "إهمال" الزهاوي، الذي لم "يأخذ في الحسبان بشكل كافٍ" مبادئ الحياة العامة المتمثلة في كونه "منفتحاً وصادقاً وقائداً مثالياً من خلال سلوكه الخاص".
ويتمحور النزاع حول بيع الزهاوي أسهماً في معهد استطلاع "يوغوف" الذي كان قد أسّسه في العام 2000، تُقدّر قيمتها بنحو 27 مليون جنيه استرليني (30 مليون يورو)، تملكها شركة "بالشور" الاستثمارية (Balshore Investments) المسجّلة في جبل طارق والمرتبطة بعائلة الزهاوي.
من جهته، برّر الزهاوي الأمر بـ"الإهمال" مؤكداً أنّه ليس ناجماً عن فعل متعمّد. وبعد التهديد برفع دعوى تشهير، أعرب في ردّه على ريشي سوناك الأحد عن قلقه بشأن سلوك بعض وسائل الإعلام.
الزهاوي مولود في بغداد لعائلة كردية، ووصل إلى المملكة المتحدة طفلاً، وتمكّن في ما بعد من جمع ثورة قبل الانخراط في الحياة السياسية. وتولى بصفته وزيرا في الحكومة الإشراف على حملة التلقيح ضد كوفيد-19.
والسلطة في بريطانيا بيد المحافظين منذ 13 عاماً، لكنّ مجموعة قضايا تضارب مصالح لطّخت سمعة الحزب وعرّضته لاتّهامات بالفساد توجّهها المعارضة العمّالية التي تتصدر بفارق كبير استطلاعات الرأي، علما بأن الانتخابات العامة المقبلة ستنظّم بعد أقل من سنتين.
تبرئة سوناك
وإبان توليه حقيبة المالية، وُجّهت العام الماضي انتقادات لسوناك بعد ورود تقارير إعلامية عن استفادة زوجته الثرية أكشاتا مورتي التي تحمل الجنسية الهندية، من إعفاءات ضريبية.
وتمت تبرئة سوناك من أي مخالفة للأنظمة الوزارية، كما أعلنت زوجته في وقت لاحق أنها ستسدد الضرائب المستحقة عن مداخيلها في الخارج، علما بأن كونها أجنبية يتيح إعفاءها من هذا الأمر.
وقبل نحو أسبوع فُرضت غرامة على سوناك بسب عدم وضعه حزام الأمان لدى تسجيله فيديو في المقعد الخلفي للسيارة.
وعندما كان وزيرا للمال في حكومة جونسون، فُرضت غرامة على سوناك في إطار فضيحة حفلات داونينغ ستريت "بارتي غيت"، لمشاركته في حفل عيد ميلاد رئيس الوزراء إبان حظر التجمّعات الذي كان مفروضا لاحتواء كوفيد-19.