طهران: شارك عشرات آلاف الإيرانيين السبت في إحياء الذكرى الرابعة والأربعين لانتصار الثورة، في ما عدّه الرئيس إبراهيم رئيسي تجديداً لـ"البيعة" للجمهورية الإسلامية في مواجهة احتجاجات تشهدها منذ أشهر.
ويأتي إحياء ذكرى الإطاحة بنظام الشاه في 1979 هذا العام، بعد زهاء خمسة أشهر من اندلاع احتجاجات أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني إثر توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
وتخلل الاحتجاجات التي تراجعت وتيرتها خلال الأسابيع الماضية، رفع شعارات مناهضة للسلطات والمسؤولين.
ونزل الآلاف الى شوارع طهران ومدن إيرانية عدة في مسيرات راجلة لإحياء ذكرى سقوط نظام الشاه، بعدما اقتصرت في العامين الماضيين على مسيرات سيّارة ودراجات نارية بسبب كوفيد-19.
وكانت المسيرة المركزية في طهران نحو ساحة آزادي ("الحرية") التي تعد من أبرز معالم العاصمة وتحمل رمزية كبرى، اذ تدفق إليها الآلاف من الشوارع المحيطة وهم يلوّحون بالعلم الإيراني، وفق صحافي في وكالة فرانس برس.
وردد المشاركون هتافات منها "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل"، العدوين اللدودين للجمهورية الإسلامية. وعرضت قرب الساحة نماذج لانتاجات عسكرية إيرانية منها صاروخ "سجّيل" البالستي، وطائرة مسيّرة من طراز "شاهد 136".
ورفع المشاركون صور مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني، ومرشدها الأعلى الحالي آية الله علي خامنئي، إضافة إلى اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الذي اغتالته الولايات المتحدة بضربة جوية في بغداد مطلع عام 2020.
وقال رئيسي في كلمة بثّت مباشرة عبر التلفزيون إن "اجتماعنا اليوم ليس فقط لتخليد ذكرى الثورة الإسلامية"، بل إن الناس حضروا "لتجديد البيعة للإمام والقائد (في إشارة الى الخميني وخامنئي) والشهداء وأهداف الثورة".
ذكرى الثورة
وأفاد التلفزيون الرسمي أن المسيرات في ذكرى الثورة أقيمت في زهاء 1400 مدينة على امتداد مساحة البلاد. وبثّ لقطات لمسيرات في مدن مختلفة منها أصفهان ومشهد وتبريز وشيراز.
وأحيا الإيرانيون في هذا اليوم ذكرى سقوط الحكومة الأخيرة في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، بعد أيام من عودة الإمام الخميني الى البلاد في الأول من شباط/فبراير 1979. وكان الشاه غادر في كانون الثاني/يناير من العام ذاته بعد أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه.
وتأتي ذكرى "22 بهمن" (في إشارة الى يوم السقوط وفق التقويم الهجري الشمسي المعتمد في إيران)، في وقت تشهد الجمهورية الإسلامية منذ 16 أيلول/سبتمبر، تحركات احتجاجية أعقبت وفاة الشابة أميني (22 عاماً).
وقتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات.
واتهم مسؤولون إيرانيون "أعداء" الجمهورية الإسلامية بالوقوف خلف الاحتجاجات التي يعتبرون جزءاً كبيراً منها بمثابة "أعمال شغب".
واعتبر رئيسي أن الشعب الإيراني تمكن من "إفشال" ما خطّط له أعداء البلاد.
وقال "رأيتم ما قام به الأعداء خلال عام؟ المؤامرات التي خططوا لها؟"، مشدداً على أن الشعب "هزم العدو".
وأضاف "القضية بالنسبة الى العدو ليست النساء أو الحياة أو الحرية، أو حقوق الانسان أو (البرنامج) النووي، الا أنهم يريدون سلب استقلال الأمة الإيرانية وحريتها وحياتها السلمية".
وكان شعار "امرأة، حياة، حرية" الأبرز الذي تم رفعه خلال الاحتجاجات التي شاركت فيها شرائح اجتماعية مختلفة، خصوصاً النساء وطلاب الجامعات.
وشدد رئيسي على أن "ذراعي الأمة مفتوحتين لقبول من تم التغرير بهم".
الإفراج عن أسماء بارزة
وأعلن القضاء تنفيذ أربعة أحكام بالإعدام لاعتداءات على عناصر أمن على خلفية الاحتجاجات. كما أوقف الآلاف بينهم مشاهير وناشطون معروفون، وتمّ الإفراج عن عدد منهم في الآونة الأخيرة.
وتم الإفراج الجمعة عن أسماء بارزة منها الناشط الحقوقي فرهاد ميثمي الموقوف منذ 2018، والباحثة الإيرانية-الفرنسية فريبا عادلخاه التي كانت تقضي عقوبة بالسجن لإدانتها بالمسّ بالأمن القومي.
وأكدّ محامي عادلخاه السبت أن موكلته "سعيدة" لإفراج السلطات الإيرانية عنها، إلا أنه لم يتضّح بعد ما إذا كانت ستسمح لها بالمغادرة الى فرنسا.
وقال حجّت كرماني لفرانس برس إن عادلخاه "خرجت من السجن قرابة الساعة العاشرة الليلة الماضية (18,30 ت غ)، وهي موجودة حالياً في منزلها وسعيدة".
وكانت الباحثة البالغة من العمر 63 عاماً تقضي في سجن إوين بشمال طهران، عقوبة بالسجن خمسة أعوام صدرت في 2020 لإدانتها بالمساس بالأمن القومي، وهي تهم سبق لها أن نفتها.
وأوضح كرماني أن الإفراج عن عادلخاه الموقوفة منذ 2019، أتى في إطار عفو أصدره المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي عن "عدد كبير" من السجناء لمناسبة الذكرى الرابعة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية التي تصادف اليوم.
وشدد المحامي على أن ملف موكلته "أقفل ولا عائق قانونياً يحول دون مغادرتها البلاد"، إلا أنه "يجب علينا أن ننتظر" لتبيان ما إذا كان من الممكن لها أن تغادر الى فرنسا.