كييف (أوكرانيا): تعرّضت أوكرانيا الثلاثاء إلى هجمات روسية هي الأعنف بحسب كييف، تخلّلها استهداف شبكات الطاقة بنحو مئة صاروخ ما أدى إلى وضع "حرج" وعرّض روسيا لمزيد من الضغوط في قمة مجموعة العشرين التي تغيّب عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
والضربات التي أوقعت قتيلا على الأقل في كييف، علما بأن عمليات الإغاثة لا تزال جارية، أدت إلى انقطاع معمم للتيار الكهربائي في أوكرانيا بلغت تداعياته مولدافيا.
بولندا
ولاحقا الثلاثاء، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها "تتحقق من" تقارير تفيد بسقوط صاروخين روسيين في بولندا، وفي أعقاب ذلك أعلنت الحكومة البولندية أنها دعت لاجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي، كما عقد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان اجتماعا لمجلس الدفاع الوطني.
وقال كيريلو تيموشينكو نائب مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على منصة تلغرام إن "الإرهابيين الروس شنّوا هجوما جديدا مخططا له على البنى التحتية للطاقة. الوضع حرج".
وأشار إلى حرمان "أكثر من سبعة ملايين منزل" من الكهرباء مساء الثلاثاء في كل أنحاء أوكرانيا.
في مقطع فيديو قصير نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي قال الرئيس الأوكراني "ما يريده العدو واضح. لن يحقّق هدفه"، وتابع "نعمل، وسنرمّم كل شيء، وسننجو من كل شيء".
وقال زيلينسكي إن الجيش الروسي "أطلق 85 صاروخًا" الثلاثاء "بشكل أساسي على بنى تحتية للطاقة" في مدن أوكرانية من كييف إلى لفيف قرب الحدود البولندية، ومن خاركيف في شمال شرق أوكرانيا إلى أوديسا في جنوب غرب البلاد.
لكن بحسب سلاح الجو الأوكراني أطلقت روسيا ما لا يقل عن مئة صاروخ بما في ذلك من قاذفات استراتيجية، وقال المتحدث باسم سلاح الجو الأوكراني يوري إيغنات في حديث مباشر للتلفزيون الأوكراني إن عدد الصواريخ التي تم إطلاقها في هذه الضربة أكبر مقارنة بتلك التي استهدفت أوكرانيا في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر حين تم إطلاق 84 صاروخا.
وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو في بيان على تلغرام إن "عمال الإنقاذ عثروا على جثة" مشيرا إلى أن عمليات الإغاثة مستمرة.
وتابع "ما لا يقل عن" نصف سكان كييف بلا كهرباء"، موضحا أن الشركة المشغلة للقطاع "بدأت تقنين التغذية بشكل طارئ في كل أنحاء أوكرانيا"، خصوصا كييف "لإيجاد توازن في الشبكة".
وانطلقت صفارات الإنذار في كل أنحاء أوكرانيا قبيل الساعة 15,30 (13,30 ت غ). وبعد دقائق، سُمع دوي انفجارات في كييف ولفيف (غرب) وخاركيف (شمال شرق).
وقال رئيس بلدية كييف إن "الدفاعات الجوية أسقطت العديد من الصواريخ" فوق كييف.
ونشر مسؤول في الرئاسة الأوكرانية تسجيل فيديو يظهر مبنى مؤلفا من خمس طبقات يحترق.
روت لفرانس برس سفيتلانا رومانتشوك (66 عاما) التي كانت تقطن مع زوجها بيترو (77 عاما) الطابق الرابع من المبنى "كنا في السرير (عندما استهدف المبنى) هرعنا إلى الردهة وكان قد ملأها الدخان".
وتابعت "أعتقد أن امرأة كانت تقطن الشقة الواقعة تحت شقتنا قضت، طالت الضربة شرفتها"، في حين يواصل عمال الإطفاء إخماد الحريق.
وطالت الضربات كل أنحاء البلاد في لفيف وخاركيف وفينيتسيا وكريمينتشوك وريفني ومناطق في سومي وخميلنيتسكي وفولين وأوديسا، وبدأت السلطات المحلية الواحدة تلو الأخرى الإعلان عن الأضرار على شبكات التواصل الاجتماعي.
وانقطع التيار الكهربائي في أوديسا، المدينة المرفئية الكبرى في جنوب غرب أوكرانيا، كما انقطعت الكهرباء عن 80 بالمئة من أنحاء لفيف، في غرب البلاد حيث تعطّلت خدمات المترو على غرار خاركيف ثاني أكبر مدينة في البلاد والواقعة قرب الحدود مع روسيا في شمال شرق أوكرانيا.
في مولدافيا الواقعة إلى جنوب غرب أوكرانيا، تسبب الضربات الروسية بانقطاع للتيار الكهربائي. وجاء في تغريدة لوزير خارجية مولدافيا نيكو بوبيسكو "كل قنبلة تسقط في أوكرانيا تؤثر على مولدافيا وشعبنا".
وتعود الضربات الجوية السابقة التي استهدفت العاصمة الأوكرانية إلى 10 تشرين الأول/أكتوبر و17 منه، وهي استهدفت خصوصا البنى التحتية للطاقة الأوكرانية من أجل حرمان السكان من الكهرباء مع اقتراب فصل الشتاء.
قصفٌ أوكراني
في المقابل، أوقعت ضربات أوكرانية على منطقة بيلغورود الروسية الواقعة عند الحدود الشمالية الشرقية لأوكرانيا قتيلين وثلاثة جرحى، وفق ما أعلن على تلغرام حاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف.
وجاءت الضربات بعد أربعة أيام على انسحاب جزئي مذل للقوات الروسية من منطقة خيرسون لا سيما المدينة التي تحمل اسم المحافظة الواقعة في الجنوب، بعدما احتلتها مدى ثمانية أشهر.
وكان على الكرملين أن يتّخذ ذلك القرار بسبب الهجوم المضاد الأوكراني المعزّز بالأسلحة التي يرسلها الغرب. وكان قد اضطر للانسحاب من شمال البلاد في الربيع، ثم من شمال شرق أوكرانيا في أيلول/سبتمبر.
وفي دليل على الصعوبات الميدانية، اضطرت سلطات الاحتلال في منطقة خيرسون التي أعلنت موسكو ضمّها، للتخلي عن مدينة جديدة هي نوفا كاخوفكا متهمة قوات كييف بقصفها.
وتقع هذه المدينة على الضفة اليسرى (الشرقية) لنهر دنيبرو حيث انسحبت القوات الروسية الأسبوع الماضي لعدم تمكنها من السيطرة على الضفة اليمنى (الغربية) من النهر، حيث خيرسون.
وقالت الإدارة المعيّنة من الكرملين، إنه بعد الانسحاب الروسي في 11 تشرين الثاني/نوفمبر من الضفة اليمنى لنهر دنيبرو، تعرّضت نوفا كاخوفكا لنيران مباشرة من المدفعية الثقيلة للقوات الأوكرانية وقذائف الهاون".
مجموعة العشرين
جاءت الضربات في خضم اجتماعات قمة مجموعة العشرين المنعقدة في إندونيسيا والتي تغيّب عنها بوتين ولم يشأ حتى إلقاء كلمة عبر الفيديو.
وعلى تويتر شدد وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا على أن كييف "بانتظار رج فعل مبدئي لمجموعة العشرين".
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان في بيان إن "الضربات الروسية تعمّق المخاوف في مجموعة العشرين بشأن التأثير المزعزع للاستقرار لحرب بوتين".
وبعد اجتماع عقد الإثنين واستمر ثلاث ساعات بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ، أقر الأخير بأن الصين "قلقة للغاية" إزاء النزاع الدائر في أوكرانيا.
لكن موسكو التي أرسلت وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى إندونيسيا، لم تبد أي مؤشر على رغبتها في وقف هجماتها.
واتّهم الوزير الروسي أوكرانيا بمنع انعقاد مفاوضات سلام مع مطالبة القوات الروسية بمغادرة أراضيها.
وقال لافروف للصحافيين "قلت مجددا إن كل المشاكل ترتبط بالجانب الأوكراني الذي يرفض بشكل قاطع المفاوضات ويطرح شروطا من الواضح أنها غير واقعية".
والثلاثاء غادر لافروف القمة "كما كان مقررا" وفق ما أوردت وكالة أنباء "ريا نوفوستي" الرسمية الروسية.