إيلاف من لندن: لوّح الكاظمي مساء الثلاثاء بالاستقالة في حال استمرار إثارة الفوضى والصـراع والتناحر في العراق، مشدداً على ضرورة وضع السلاح بيد الدولة فعلاً وليس ادعاءً، ووصف االقتال في الخضراء بالمخزي.
وخاطب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي العراقيين في خطاب متلفز مساء الثلاثاء تابعته " ايلاف" قائلا "أتحدث اليكم اليوم ويعتصـرني الألم للحالة التي أوصلنا إليها الصـراع السياسي".. مثمنا دور القوات الأمنية "التي أُريد لها أن تكون طرفاً في نزاع (السلاح المنفلت) مع (السلاح المنفلت) فأبت إلا أن تصطف مع الوطن، وترفض وضع فوهات البنادق أمام صدور العراقيين مهما بلغ انفعالهم".
وضع السلاح تحت سلطة الدولة فعلاً
واشار الى انه "منذ أكثر من عامين ونحن نتبنى سياسة حصـر السلاح بيد الدولة رغم كل الاتهامات والطعون والصواريخ التي وجهت إلينا".. وشدد على ان "الدم العراقي الطاهر الذي سقط أمس يطلق الإنذار لكل عراقي صادق وأصيل بأننا اليوم يجب أن نواجه الحقائق المرة، وأن يوضع السلاح تحت سلطة الدولة فعلاً وليس شعاراً وادعاءً".
واقعٌ مخز
واوضح انه شكل لجنة تحقيق؛ لتحديد المسؤولين عن وضع السلاح بيد من فتحوا النار على المتظاهرين، وأراقوا الدم رغم التوجيهات المشددة التي أصدرناها لمنع استخدام الرصاص، كما يجب تحديد من فتح النار والصواريخ والهاونات على المنطقة الحكومية طوال الليل.
ووصف الكاظمي هذا الواقع بالمخزي الذي يتطلب موقفاً صادقاً وصريحاً لمواجهته والتصدي له. وقال "كفى ازدواجية الدولة واللادولة، وعلى المنظومة الأمنية الرسمية أن ترتبط جميعها بكل توجهاتها ولا فرق بين هذا وذاك فوراً بالقائد العام للقوات المسلحة ويتحمل كل غير منضبط المسؤولية القانونية".
واعتبر ان السلاح الذي استخدم أمس ( في القتال داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد) هو مال مهدور .. دم مهدور .. فرص مهدورة هذا السلاح يجب أن يستخدم في حماية العراق، لا في صراعات السلطة.
ولفت الى انه على كل وحدة عسكرية أن تعمل حسب اختصاصها ومسؤولياتها المحددة بالقانون حصـراً، وتنفيذ تعليمات وخطط وسياقات القائد العام للقوات المسلحة في الحركات والواجبات.
حوار السياسيين يتطلب تنازلات
وسياسياً اوضح الكاظمي انه قام بمسؤولياته في إطلاق حوار وطني بين القوى السياسية المختلفة؛ لمساعدتها في الوصول إلى حل مرضٍ للجميع؛ لكن الحوار يقتضي أن يتنازل الجميع، وليس أن يستمر التصعيد السياسي، وينتقل إلى فتح الرصاص، وإزهاق أرواح العراقيين.
واضاف "أقول لأهلي العراقيين: إن العراق أكبر من الجميع، وليس هناك أي شخص، أو حزب، أو قوة أهم من العراق، ومن مصالح العراق".. وأكد بالقول "لقد خدمت شعبي بكل شرف وأمانة، ولم أكن يوماً طرفاً أو جزءاُ من المشكلة، وصبرت على كل أنواع التنكيل والعرقلة والحرب المعلنة من جميع الأطراف لإضعاف الدولة وقرارها أو ابتزازها أو تصغير كل ما أُنجز لأهداف انتخابية، ولأسباب لا تنتمي إلى جوهر الوطنية العراقية".
تلويح بالاستقالة
وشدد رئيس الوزراء العراقي على انه برغم ذلك فإنني لم ولن أتخلى عن مسؤوليتي أمام شعبي، وأي خيار يخدم مصالح العراق وأمنه، ويحقق الاتفاق السياسي بين القوى المختلفة، وأنا كنت وما زلت مع مبدأ التداول السلمي للسلطة.
واضاف "أحذر من هنا إذا أرادوا الاستـمرار في إثارة الفوضى، والصـراع، والخلاف، والتناحر، وعدم الاستماع لصوت العقل، سأقوم بخطوتي الأخلاقية والوطنية بإعلان خلو المنصب في الوقت المناسب، حسب المادة 81 من الدستور، وتحميلهم المسؤولية أمام العراقيين، وأمام التأريخ".
وقال "وطننا ينزف منذ سنوات طويلة، وكل يوم ندفع إلى الحتوف الآلاف من خيرة شبابنا، لماذا؟ بأي ذنب وأي جريرة؟ كل قطرة دم سببها الفشل السياسي المزمن، وهذا الاستسلام للغة المغانم، والتحاصص، وضعف الانتماء الوطني".
وختم الكاظمي خطابه بالقول "الرحمة والخلود لشهداء العراق، والشفاء للجرحى، والشكر والتقدير لكل من وقف إلى جانب الوطن في محنته، والخزي والعار لكل من ساهم في إراقة دم العراقيين قولاً أو فعلاً".. وشدد على ضرورة وضع العراق العزيز الكبير أمام كل مصلحة، وكل اعتبار. ضعوا شعب العراق أمام ضميركم الوطني".
صالح
وقبيل ذلك دعا الرئيس العراقي برهم صالح الى اجراء انتخابات مبكرة باعتبارها المخرج للازمة السياسية الحالية التي يتخبط بها العراق منذ 10 اشهر وشدد في خطاب متلفز على ان الوضع الحالي لم يعد مقبولا ولا يجب استمراره .. مؤكدا أن إجراء انتخابات مبكرة يمثل مخرجا للأزمة الخانقة.. داعيا إلى الحوار عبر اجتماع وطني عاجل.
يشار الى ان العراق يعيش منذ حوالي العام شللاً سياسياً تاماً منذ الانتخابات المبكرة التي جرت في تشرين الاول أكتوبر 2021 ولم تفضِ الى اتفاقات بين القوى السياسية الكبرى تقود إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس لحكومة جديدة.
وشهدت بغداد امس صدامات مسلحة اثر اقتحام متظاهرين القصور الرئاسية في المنطقة الخضراء وسطها بعد ساعات من إعلان الصدر اعتزاله العمل السياسي بشكل نهائي وغلق جميع مؤسسات تياره وقد امتدت رقعة المواجهات الى خارج العاصمة فيما ارتفع عدد القتلى في المواجهات التي شهدتها المنطقة الخضراء بين مسلحي سرايا السلام التابعة للتيار الصدري ومليشيات الحشد الشعبي الى 30 شخصا معظمهم من عناصر التيار.