تل أبيب: اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، أن الاتفاق النووي "ممكن إذا وضع تهديد عسكري ذو مصداقية على الطاولة"، مشدداً على أنه أوعز لقادة الجيش والموساد الاستعداد للدفاع عن أمن إسرائيل، وذلك في وقت خرجت مجموعة من الجنرالات في تل أبيب ممن كان لهم دور في التعاطي مع ملف طهران في السابق، بتحذيرات من مغبة أي خلاف مع واشنطن.
وقال لابيد في مؤتمر صحافي، أمس، إن "دولة إسرائيل تخوض منذ أكثر من عام كفاحاً دبلوماسياً متعدد الأبعاد بغية منع إعادة التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران".
وأشار إلى زيارة كل من مستشاره الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا، ووزير الدفاع بيني غانتس، إلى واشنطن، قائلاً: "نبذل جهوداً منسقة من أجل التأكد من أن الأميركيين والأوروبيين يدركون المخاطر المتعلقة بهذا الاتفاق. هذا الاتفاق ليس جيداً..."، معتبراً أن "المخاطر التي تتعلق به اليوم أكبر بكثير".
ولفت إلى أن دولة إسرائيل "لا تعارض كل اتفاق مهما كانت تفاصيله. يمكن ويجب جعل إيران التوقيع على اتفاق أفضل بكثير، ما سماه الأميركيون اتفاق أطول وأقوى". ورأى أن الاتفاق أطول لأنه "لا يشمل موعداً لانتهاء مفعوله، كما اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون". وأقوى لأن "الرقابة ستكون أشد، ولأن الاتفاق سيتعامل أيضاً مع برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، ومع التورط الإيراني في ممارسة الإرهاب في كل أنحاء الشرق الأوسط".
وأعرب لابيد عن اعتقاده بأن "التوصل لمثل هذا الاتفاق ممكن، لو وضع تهديد عسكري ذو مصداقية على الطاولة". وأشار إلى أنه "حقق خلال الأشهر الأخيرة عدداً ليس بقليل من الإنجازات إزاء الأميركيين والدول الأخرى المشاركة في المفاوضات مع إيران". وأضاف: "الرئيس بايدن قرر في أعقاب الحوار الاستراتيجي الذي يجرى معنا، عدم رفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني". وأوضح أن المحادثات مع الطرف الأميركي "منعت هذا الأسبوع محاولات لتقديم تسهيلات للحرس الثوري، ومنعت الضغط السياسي على الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل إغلاق التحقيق المفتوح".
اتصالات رسمية
وعن المقترح الأوروبي الأخير لإحياء الاتفاق، قال لابيد، "قلنا للطرف الأميركي هذا ليس ما يريده الرئيس بايدن. هذا ليس ما تحدث عنه خلال زيارته إلى إسرائيل، وهذا ليس ما وقع عليه في إعلان أورشليم". وقال "أكدنا أن دولة إسرائيل لن تكون منوطة بقرارات إيران، أو بقرارات الدول العظمى". وأضاف: "قادة جيش الدفاع والموساد تلقوا منا إيعازاً بالقيام بالاستعدادات اللازمة لمواجهة أي سيناريو كان. سنكون جاهزين للتحرك من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل. الطرف الأميركي يدرك ذلك. العالم يدرك ذلك، ويجب على المجتمع الإسرائيلي أن يعلم ذلك أيضاً".
كان مصدر أمني إسرائيلي قد أكد وجود اتصالات رسمية لترتيب لقاء بين الرئيس بايدن، وبين لابيد، خلال جلسة الأمم المتحدة الشهر المقبل في نيويورك. وأكد أن الموعد المقترح في الاتصالات الجارية بين الطرفين هو يوم 20 أيلول/سبتمبر المقبل، بعد أن يلقي بايدن خطابه. وقال إن "من المتوقع أن تسبق اللقاء، الذي قد لا يعقد في موعده المعلن بسبب الجدول الزمني المزدحم لبايدن ولبيد، محادثة هاتفية يجري التنسيق لها خلال الأسبوع الوشيك".
مفاوضات الاتفاق النووي
وكان لابيد قد توجه إلى رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، داعياً إياه لجلسة يطلعه خلالها على "آخر التطورات المتعلقة بمفاوضات الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى". وقال مقرب من لابيد، إن نتنياهو "يطلق تصريحات مسيئة للعلاقات مع الولايات المتحدة وإدارة بايدن، ولابيد معني بإطلاعه على معلومات يمكن أن تجعله يغير رأيه ويخفف من حدة تصريحاته".
وفي وقت سابق، اجتمع لابيد مع رئيس المخابرات الخارجية (الموساد)، ديفيد برنياع، وقدم له ملاحظات على تصريحاته الأخيرة التي سببت حرجاً له ولحكومته مع الإدارة الأميركية. وقال فيها إن الاتفاق النووي هو "كارثة استراتيجية"، وإن "الولايات المتحدة قررت أن مصلحتها المشتركة مع إيران تقود نحو إحياء الاتفاق النووي معها". وطالب لابيد، برنياع، بأن تكون تصريحاته منسجمة مع موقف الحكومة الإسرائيلية.
جاءت تصريحات لابيد في وقت أجمع الجنرالات على أنه "ليس بالإمكان منع التوقيع" على صفقة لإحياء الاتفاق النووي. وقال إنه "ليس بمقدور الإدارة الأميركية إجبار إيران على وقف سياستها النووية أو الإقليمية، لا بالطرق الدبلوماسية ولا بالعقوبات"، معتبرين "السبيل الوحيد هو في التهديد الجدي والمقنع بالخيار العسكري".
ويرى هؤلاء أن الخيار العسكري "لا يتم بتهديد إسرائيلي، بل بتنسيق كامل وعميق وعلني بين تل أبيب وواشنطن، يكون فيه واضحاً أن إسرائيل ليست وحدها في المعركة".