كييف: بدأت الاثنين أول مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا منذ اندلاع الحرب الأسبوع الماضي، إذ طالبت كييف "بوقف فوري لإطلاق النار" فيما تجاوز عدد اللاجئين الفارين من النزاع 500 ألف.
وبينما وصل الوفدان لعقد محادثات عند الحدود بين بيلاروس وأوكرانيا في اليوم الخامس من الغزو الذي نفذته موسكو، طالبت الرئاسة الأوكرانية بوقف إطلاق النار و"سحب القوات" وهو أمر يبدو رفض موسكو له شبه مؤكد.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "لا أؤمن في الحقيقة بنتيجة هذا الاجتماع. ومع ذلك، فليجربوا".
أسواق المال
وانعكس تأثير العقوبات المالية الغربية الشديدة التي فرضها الغرب على موسكو على أسواق المال صباح الاثنين، إذ انهار الروبل إلى مستوى قياسي فيما رفع المصرف المركزي الروسي معدلات الفائدة بأكثر من الضعف إلى 20 في المئة.
وتهدف العقوبات التي تستهدف القطاع المالي الروسي لتغيير حسابات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن على الأرض، واصل حوالى 100 ألف جندي روسي يعتقد أنهم داخل أوكرانيا غزوها من الشمال والشرق والجنوب.
وأفاد مسؤولون غربيون في مجال الدفاع وحكومة كييف بأن القوات الأوكرانية تمكّنت حتى الآن من إبقاء مدن البلاد الرئيسية خارج قبضة الروس رغم توغلات في العاصمة كييف وثاني كبرى مدن البلاد خاركيف نهاية الأسبوع.
وأعلنت هيئة أركان الجيش الأوكراني في بيان الاثنين "أبطأ المحتلون الروس من وتيرة الهجوم"، مشيرة إلى تكبد موسكو "خسائر كبيرة".
لكن مسؤولين أوكرانيين أفادوا بأن الجنود الروس تمكنوا من احتلال مدينة بيرديانسك الصغيرة (جنوب).
وبعد ليلة هادئة نسبيا، سارع سكان العاصمة الاثنين لشراء الطعام عقب رفع حظر تجوّل شامل فرض السبت وصدرت بموجبه أوامر للقوات المحلية بإطلاق النار على أي شخص يتحرّك في المدينة نهاية الأسبوع.
تفوقٌ جوي
وفي ظل تقارير عن مزيد من التحرّكات للقوات الروسية باتّجاه كييف، أعلنت موسكو أنها كسبت حاليا "تفوّقا جويا على كافة أراضي أوكرانيا" بينما اتّهمت الجنود الأوكرانيين باستخدام المدنيين كدروع بشرية.
وأمر بوتين الأحد بوضع القوات النووية الروسية في حالة تأهّب ردا على ما وصفها بخطوات "غير ودّية" قامت بها الدول الغربية، التي فاجأت المراقبين بوحدة صفّها وسرعتها في فرض عقوبات على الاقتصاد الروسي.
وقال الناطق باسم الكرملين دمتيري بيسكوف للصحافيين الاثنين إن "العقوبات الغربية على روسيا قاسية، لكن لدى بلدنا الإمكانيات اللازمة لتعويض الأضرار".
من جهتها، أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من نصف مليون شخص فروا من أوكرانيا منذ بدأ الغزو الروسي الخميس.
وقال المفوض السامي للاجئين في الامم المتحدة فيليبو غراندي في تغريدة "فر أكثر من 500 ألف لاجئ حتى الآن من أوكرانيا إلى دول مجاورة".
ويأتي ذلك فيما انطلقت محادثات عند الحدود بين بيلاروس وأوكرانيا الاثنين يشارك فيها وزير الدفاع الأوكراني وغيره من المسؤولين الأوكرانيين والروس.
وترددت كييف في البداية بإرسال وفد إلى بيلاروس، نظرا لدور الأخيرة في تسهيل الهجوم الروسي على أوكرانيا عبر استضافة قوات وأسلحة استخدمت في الغزو.
مصلحة باتفاقيات
وقال مستشار الكرملين فلاديمير مدينسكي الذي توجّه إلى بيلاروس للمشاركة في المحادثات للتلفزيون الروسي "لدينا بالتأكيد مصلحة في التوصل إلى بعض الاتفاقيات في أقرب وقت ممكن".
بدوره، نشر زيلينسكي فيديو دعا فيه إلى "ضم أوكرانيا فورا إلى الاتحاد الأوروبي عبر إجراء خاص جديد".
فون دير لايين
وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عن تأييدها شخصيا للخطوة الأحد خلال مقابلة أجرتها معها شبكة "يويونيوز"، لكن من دون أن تحدد إطارا زمنيا للأمر.
لكن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أكد الاثنين وجود "آراء متباينة" بين دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بشأن توسيع التكتل.
وشهدت نهاية الأسبوع سلسلة إعلانات لافتة من أوروبا، لعل أبرزها صدر عن ألمانيا التي كشفت عن تغيير تاريخي في سياستها الأمنية والدفاعية بينما أكد الاتحاد الأوروبي بأنه سيشتري أسلحة ويمد بها دولة لأول مرّة في تاريخه.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس "مع غزو أوكرانيا أصبحنا في حقبة جديدة"، بينما أعلن عن زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري تمثّل تراجعا عن عقود من التردد في الاستثمار في القطاع.
وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيقدّم 450 مليون يورو (500 مليون دولار) لأوكرانيا لتشتري أسلحة، بما في ذلك مقاتلات روسية الصنع يمكن للطيارين الأوكرانيين تشغيلها.
كما أعلن فرض قيود على شبكتي "آر تي" و"سبوتنيك" الإعلاميتين.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الاثنين أن وزارة الخارجية "علقت عملياتها" في سفارة الولايات المتحدة في مينسك وسمحت "بالمغادرة الطوعية" لموظفيها غير الأساسيين وعائلاتهم من سفارتها في موسكو.
وتهدف العقوبات التي أعلنت نهاية الأسبوع على الاقتصاد الروسي إلى قطعها عن النظام المالي العالمي، ما يعطّل التجارة مع الشركات الروسية ويسدد ضربة موجعة لاقتصاد البلاد.
وأعلن البنك المركزي الروسي الاثنين أنه سيرفع معدل الفائدة الرئيسي بأكثر من الضعف إلى 20 في المئة، ما يعني ارتفاعا كبيرا في تكاليف الاقتراض، نظرا إلى "التغيّر الكبير" في الوضع الاقتصادي للبلاد.
وانهار الروبل مقابل الدولار الاثنين بنسبة 20 في المئة في تداولات منتصف اليوم، بينما أغلق سوق موسكو للأسهم.
وتراجع سعر صرف العملة الروسية مقابل الدولار، مسجّلا 100 روبل للدولار الواحد، أي ما يعادل ثلث قيمته مقارنة مع العام 2014 عندما ضم بوتين شبه جزيرة القرم.
ومنع الغرب بعض المصارف الروسية من الوصول إلى منظومة "سويفت" المصرفية التي تستخدم في التعاملات التجارية، وجمّد أصول المصرف المركزي الروسي في الخارج، ما يحرم موسكو من الوصول إلى هذه الأموال الطارئة.
وحذّر البنك المركزي الأوروبي الاثنين من أن الفرع الأوروبي لمصرف "شيربنك" الروسي الحكومي يواجه خطر الإفلاس.
رأسمالية الدولة
وفي موقف لافت قد يدل على مدى تأثير العقوبات الغربية، أكد الملياردير الروسي أوليغ ديريباسكا أن الوقت حان لوضع حد "لرأسمالية الدولة" في روسيا وتغيير السياسات.
وأغلقت دول الاتحاد الأوروبي مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية.
بدورها، ردت روسيا بحظر رحلات تسيّرها شركات طيران من 36 دولة بينها بريطانيا وألمانيا.
ومن المقرر أن تتواصل الدبلوماسية الدولية الاثنين إذ تعقد الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة جلسة طارئة الاثنين لمناقشة النزاع.
وفي إطار الجهود الدولية الرامية لعزل موسكو، فرض الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" الأحد على روسيا خوض مبارياتها تحت راية محايدة، ولعب مبارياتها البيتية خارج قواعدها، كما حذّر من أنه يدرس استبعادها من كأس العالم 2022.
وأعلنت أوكرانيا عن مقتل 352 مدنيا بينهم 14 طفلا بينما يفيد جيشها بأنه قتل 4300 جندي روسي.
وأقرت روسيا بسقوط قتلى وجرحى في صفوف قواتها لكن من دون أن تعلن عن عدد.
باشليه
بدورها، أعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان ميشيل باشليه الاثنين أن 102 مدنيين بينهم سبعة أطفال، قتلوا في أوكرانيا.
ويشدد بوتين على أن موسكو تحرّكت من أجل الدفاع عن الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا.
ويقاتل المتمرّدون القوات الحكومية الأوكرانية منذ ثماني سنوات في نزاع أسفر عن مقتل أكثر من 14 ألف شخص.