بروكسل: كشف حلف شمال الاطلسي وروسيا الأربعاء عن اختلافات صارخة بينهما بشأن الأمن في أوروبا مع مطالبة الحلفاء الرئيس فلاديمير بوتين بسحب قواته من الحدود الأوكرانية والانضمام إلى محادثات للحد من خطر نشوب صراع مفتوح.
وقال سفراء غربيون بعد لقائهم مبعوثين بارزين من الكرملين في مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل، إن موسكو لن يكون لها فيتو على انضمام أوكرانيا أو أي دولة أخرى إلى الحلف، محذّرين من أنها ستدفع ثمنا باهظا إذا قامت بغزوها.
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان "على روسيا في المقام الأول أن تقرر ما إذا كانت مخاوفها أمنية، وفي هذه الحال عليها أن تشارك، أو ما إذا كان هذا كله ذريعة".
ومن جانبه أشار نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو إلى عدم حدوث تقدم وأعرب عن أسفه لأن روسيا وحلف شمال الأطلسي ليس لديهما "أجندة إيجابية، لا شيء على الإطلاق".
وأضاف أن "المحادثات الأمنية بين موسكو وحلف شمال الأطلسي في بروكسل كانت عميقة وصريحة لكن ما زال هناك الكثير من الخلافات الجوهرية بين الجانبين".
كانت حكومة الرئيس فلاديمير بوتين قدمت للغرب لائحة من المطالب تضمن استبعاد ضم أعضاء جدد مثل أوكرانيا وجورجيا وفنلندا على الضفة الشرقية للحلف وطالبت بقيود على انتشار قوات الحلف في جمهوريات سوفياتية سابقة انضمت للحلف بعد الحرب الباردة.
وأجبرت الأعداد الكبيرة للقوات الروسية المحتشدة على الحدود الأوكرانية واشنطن على الانخراط، دبلوماسيا، في محادثات أمنية ثنائية في جنيف الاثنين واجتماع حلف شمال الأطلسي وروسيا الأربعاء وآخر مخطط له في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في فيينا الخميس.
لكن الحلفاء الغربيين لم يتلقوا أي وعد بأن روسيا ستسحب قواتها التي تصر موسكو على أنها لا تشكل أي تهديد لجارتها التي تحتلها جزئيا، رغم تهديدها بفرض عقوبات اقتصادية ضخمة إذا شن الكرملين غزوا.
وبدلا من ذلك، دعت الدول الأعضاء الثلاثين المبعوثين الروس للعودة إلى موسكو ودعوة بوتين للانضمام إليهم في سلسلة من محادثات لبناء ثقة حول الحد من التدريبات العسكرية الاستفزازية والحد من التسلح وفرض قيود متبادلة على نشر الأنظمة الصاروخية.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ إن "موسكو لم تكن في وضع يخولها الموافقة على ذلك المقترح. وفي حين لم يرفضوه، أوضح الموفدون الروس أنهم يحتاجون إلى بعض الوقت للعودة إلى حلف الأطلسي مع الرد".
وأضاف "ثمة اختلافات رئيسية بين الحلفاء وروسيا حول هذه المسائل".
وتابع أنه سيكون من المستحيل لأعضاء الحلف البالغ عددهم 30 الموافقة على المطالب الجوهرية لموسكو المتعلقة بنظام أمن جديد في أوروبا، وشدد خصوصا على أنه لن يكون لروسيا حق تعطيل انضمام أوكرانيا المحتمل للحلف في نهاية المطاف.
وقال "أوكرانيا دولة ذات سيادة، لأوكرانيا حق الدفاع عن نفسها، أوكرانيا لا تمثل تهديدا لروسيا. روسيا هي المعتدي. روسيا هي من استخدم القوة ويستمر في استخدام القوة ضد أوكرانيا".
وتابع "وهم يحشدون قرابة 100 ألف عنصر ومدفعية ومدرعات ومسيّرات وعشرات آلاف الجنود الجاهزين للقتال مستخدمين خطاب تهديد، هذه هي المشكلة".
ويدافع الغرب عن "سياسة الباب المفتوح" لحلف شمال الأطلسي تجاه الأعضاء المحتملين في المستقبل، فيما تطالب موسكو بضمان أن الحلف لن يتوسع أكثر نحو أراضيها.
وجرت محادثات بين روسيا والناتو في العام 2019، لكن التعاون العملي بين الفريقين توقف في العام 2014 بعد غزو روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية وضمّها إليها.
وسُحبت البعثة الدبلوماسية الروسية لدى الناتو في تشرين الأول/أكتوبر بعد طرد ثمانية من أعضائها تشتبه القوى الغربية في قيامهم بالتجسس.
وقالت شيرمان بعد الاجتماع "معا، الولايات المتحدة وحلفاؤنا في الناتو، أوضحنا أننا لن نضع حدا لسياسة الباب المفتوح التي يتبعها الحلف".
وأضافت "لم يتوسع الناتو مطلقا من خلال القوة أو الإكراه أو التآمر. إنه خيار الدول السيادية أن تختار المجيء إلى الناتو والقول إنها تريد الانضمام إليه".
وقبيل المحادثات قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن "استمرار سياسة الباب المفتوح التي يتبعها الناتو والتقدم الإضافي لحلف شمال الأطلسي نحو حدودنا هو بالتحديد ما يهددنا من وجهة نظرنا".
أضاف "هذا بالضبط ما نطلب عدم استمراره من خلال تقديم ضمانات ملزمة قانونا".
هدد الحلفاء بفرض عقوبات اقتصادية ومالية ضخمة على موسكو إذا قامت قواتها المحتشدة على حدود أوكرانيا وفي شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا، بغزو جديد.
وتمارس روسيا ضغوطا شديدة على أوكرانيا منذ العام 2014، بعد ثورة أطاحت حكومة كانت منحازة إلى الكرملين ومناهضة للتقرب من أوروبا.
وسيطرت روسيا على شبه جزيرة القرم الأوكرانية وضمتها إلى أراضيها، كما تدعم تمردا في شرق أوكرانيا قتل فيه حتى الآن أكثر من 13 ألف شخص.