نيودلهي: حذّرت الولايات المتحدة من تحوّل أفغانستان لـ"دولة منبوذة" إذا استولت طالبان على السلطة بالقوة. فيما رحبت الصين، بالمتمردين الأفغان في مقابل تعهدهم عدم استخدام البلاد كقاعدة لشنّ هجومات تستهدف أمن دول أخرى.
وفي الوقت الذي يستغل المتمردون الإسلاميون انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي لتحقيق تقدم عبر أفغانستان، تطرق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى هذه المسألة خلال زيارة للهند.
دولة منبوذة
وحذّر بلينكن خلال مؤتمر صحافي أقيم في نيودلهي من أن تصبح "أفغانستان التي لا تحترم حقوق شعبها، أفغانستان التي ترتكب فظائع ضد شعبها، دولة منبوذة".
وتخشى الهند، الداعمة القوية للحكومة الأفغانية، أن توفر عودة طالبان إلى السلطة ملاذا لجماعات معارضة لمصالحها.
وأضاف بلينكن "تقول طالبان إنها تريد اعترافا دوليا ... الاستيلاء على السلطة بالقوة وانتهاك حقوق شعوبها ليست الطريقة الصحيحة لتحقيق ذلك".
تزامن هذا التحذير مع لقاء وفد من طالبان وزير الخارجية الصيني وانغ يي في تيانجين (شمال الصين).
ويتقاسم البلدان حدودا بطول 76 كيلومترا، عبارة عن مرتفعات شاهقة لا تتخللها أي معابر حدودية. لكن الحدود التي تمتد بمحاذاة منطقة شينجيانغ ذات الاغلبية المسلمة، تشكّل مصدر قلق كبير لبكين التي تخشى أن يستخدم الانفصاليون الأويغور أفغانستان كنقطة انطلاق لشن هجمات.
طالبان في الصين
وبدأ وفد من طالبان الثلاثاء زيارة للصين تستمر يومين، وفق ما قال الناطق باسم الحركة محمّد نعيم لوكالة فرانس برس في كابول.
وقال نعيم إن متمردي طالبان "أكدوا للصين أن الأراضي الأفغانية لن تُستخدم ضد أمن أي بلد كان".
وأكدت وزارة الخارجية الصينية الاجتماع، موضحة أن وانغ طلب من محاوريه "رسم خط أحمر بينهم وبين كل المنظمات الإرهابية على غرار الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية" (ميتو).
وتصنّف الأمم المتحدة هذه المنظمة الانفصالية الأويغورية على أنها إرهابية.
ونفذت الصين سياسة أمنية واسعة في شينجيانغ منذ العام 2017، بعد الهجمات التي نسبتها بكين إلى الانفصاليين الأويغور.
انتقاد واشنطن
واستغل وانغ محادثاته من أجل انتقاد واشنطن، مقدرا أن "الانسحاب السريع للجنود الاميركيين وقوات حلف شمال الأطلسي، يوضح فشل السياسة الأميركية في أفغانستان"، وفقا لتصريحات نقلتها وزارته.
وأضاف أن "طالبان قوة سياسية وعسكرية حاسمة في أفغانستان" معربا عن أمله في أن "تلعب دورا مهما في عملية السلام والمصالحة وإعادة الإعمار في أفغانستان".
وتمت استضافة وفد من طالبان سرا عام 2019 في الصين التي تسعى لتأمين مشاريعها الاقتصادية، التعدين أو "طرق الحرير الجديدة"، مع أفغانستان.
بخلاف هذه الدعوة السابقة، أعلنت زيارة طالبان إلى تيانجين على نطاق واسع هذه المرة، خصوصا من خلال صور وزير الخارجية الصيني بصحبة ضيوفه الملتحين.
وفي أفغانستان، لم تعد القوات الأفغانية التي لم تبد مقاومة تذكر حتى الآن، تسيطر إلا على كابول وعواصم الولايات والطرق الرئيسية.
مفاوضات
وأطيح نظام طالبان (1996-2001) القائم على أساس التفسير المتشدد للشريعة الإسلامية، قبل 20 عاما بتدخل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، بعد رفضه تسليم زعيم القاعدة أسامة بن لادن عقب هجمات 11 أيلول/سبتمبر.
ولم تحرز محادثات السلام بين طالبان والسلطات الأفغانية التي بدأت في أيلول/سبتمبر في الدوحة، أي تقدم يذكر حتى الآن.
وتم استقبال ممثلين لطالبان أخيرا في إيران، وهي دولة مجاورة أخرى لأفغانستان، وفي روسيا، وهي لاعب رئيسي في المنطقة. وتكثّف حركة طالبان جهودها الدبلوماسية، في مسعى لانتزاع اعتراف دولي مع أملها بتولي مقاليد السلطة مجددا على وقع تقدمها العسكري السريع.
في كابول، حضّ الرئيس الأفغاني أشرف غني المجتمع الدولي على "مراجعة رواية طالبان لناحية استعدادها وأنصارها لتبني حل سياسي". وحذر في كلمة ألقاها الأربعاء من أنه "من حيث الحجم والنطاق والتوقيت، نواجه غزوا غير مسبوق خلال الثلاثين عاما الماضية".
وأضاف "هؤلاء ليسوا طالبان القرن العشرين... لكن ترجمة للعلاقة بين الشبكات الإرهابية العابرة للحدود والمنظمات الإجرامية العابرة للحدود".