: آخر تحديث
موجّهين رسالة دعم لبناء الاتحاد في مواجهة النزعات القومية

ماكرون وميركل يوقعان معاهدة مشتركة جديدة ذات نبرة أوروبية

43
53
46

آخن: يوقع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الثلاثاء معاهدة جديدة لتوطيد العلاقة الفرنسيّة الألمانيّة وتوجيه رسالة دعم لبناء الاتحاد الأوروبي في مواجهة تصاعد النزعات القومية.

النص الذي يتم توقيعه بالأحرف الأولى قبيل الظهر في آخن في غرب ألمانيا قبل أربعة أشهر من الانتخابات الأوروبية، يثير جدلًا في فرنسا، حيث يرى فيه اليمين واليسار المتطرفان انتقاصًا للسيادة الوطنية وتبعية لبرلين.

تأتي معاهدة "التعاون والتكامل الفرنسية الألمانية" "استكمالًا" لمعاهدة الإليزيه الموقعة عام 1963 بين الجنرال ديغول وكونراد آديناور، والتي أرست المصالحة بين البلدين بعد الحرب العالمية الثانية.

وتنص الوثيقة على تطابق في السياسات الاقتصادية والخارجية والدفاعية للبلدين وتعاون في المناطق الحدودية وتشكيل "جمعية برلمانية مشتركة" من مئة نائب فرنسي وألماني.

أعلنت الرئاسة الفرنسية أنها "لحظة مهمة لإثبات أن العلاقة الفرنسية الألمانية ركيزة يمكن إحياؤها (...) لخدمة تعزيز المشروع الأوروبي"، مضيفة "لم نمضِ يومًا إلى هذا الحد على صعيد الدفاع" المشترك.

بند دفاعي 

سيقر البلدان "بند دفاع متبادل" في حال التعرّض لعدوان، على غرار البند المنصوص عليه في نظام الحلف الأطلسي. وسيكون بوسعها بموجب هذا البلد نشر وسائل عسكرية مشتركة في حال التعرّض لهجوم إرهابي، أو التعاون حول برامج عسكرية كبرى مثل مشروعي الدبابات والطائرات المقاتلة.

قالت ميركل السبت إن "ألمانيا وفرنسا تعتزمان الاستمرار في دفع الأمور معًا قدمًا في أوروبا". وسيلقي ماكرون وميركل خطابًا في قصر البلدية المهيب في مدينة آخن، التي أقام فيها الإمبراطور شارلمان بلاطه، قبل أن يشاركا معًا في "نقاش مواطنيّ" مع طلاب من البلدين.

ستوقع المعاهدة بين زعيمين ضعف موقعهما. فأنغيلا ميركل تقبل على نهاية ولايتها في خريف 2012 بعدما تراجعت شعبيتها، وماكرون يواجه أزمة "السترات الصفراء".

علق كاتب الافتتاحية في صحيفة "لا فوا دو نور" في مدينة ليل الفرنسية أن "عدم التفاهم اندسّ بين الطرفين"، مضيفًا إنه "بالرغم من الضرورة الملحّة، يبدو التوقيت غير مناسب".

فقد ظهرت خلافات بين باريس وبرلين حول مسائل عدة، منها ميزانية منطقة اليورو وفرض ضرائب على شركات الإنترنت العملاقة المعروفة بمجموعة "غافا"، وقد توصل البلدان إلى اتفاق بالحدّ الأدنى حول المسألتين، لا يرقى إلى الطموحات الفرنسية. كما إن الحكومتين على خلاف حول سياسة بيع الأسلحة.

علقت الخبيرة السياسية كلير ديميماي من معهد "دي جي آ بي" الألماني للأبحاث متحدثة للإذاعة العامة الألمانية "إننا نواجه أزمة وجود للاندماج الأوروبي، مع بريكست والصعود المرتقب للقوى القومية في الانتخابات الأوروبية المقبلة. وفي هذا السياق، فإن التأكيد على إيماننا في التعاون الفرنسي الألماني له قيمة رمزية محض".

تراجع السيادة

غير أن هذا الرمز ليس موضع إجماع في فرنسا، بل على العكس. إذ رأت زعيمة "التجمع الوطني" (يمين متطرف) مارين لوبن أن المعاهدة الجديدة هي "ضربة خبيثة" من الرئيس الذي "يقوم بهدم قوة بلدنا".

وقالت الجمعة إن الأمر "على غرار ميثاق مراكش (حول الهجرة): نعلم بذلك قبل ثلاثة أيام من توقيعه، حتى لا يتمكن أحد من نقض محتوى هذه المعاهدة".

واتهمت ماكرون بالسعي إلى تقاسم عضوية فرنسا الدائمة في مجلس الأمن الدولي مع ألمانيا، وهو أمر لا تنص عليه المعاهدة، ونفاه قصر الإليزيه، مؤكدًا أن باريس تسعى إلى الاستحصال على عضوية دائمة لألمانيا.

كذلك ندد زعيم "فرنسا المتمردة" جان لوك ميلانشون الإثنين بـ"تراجع سيادتنا"، الذي يترافق بنظره مع "التراجع  الاجتماعي والبيئي". ورأى أن هدف المعاهدة "ليس التقدم الاجتماعي أو الانتقال البيئي، بل التنافسية"، مع توفير "قدر أقل من الخدمات العامة والاستثمارات العامة وتراجع الأجور ومطاردة العاطلين عن العمل".

كما أبدى مخاوفه من أن تلزم هذه الاتفاقية فرنسا وألمانيا بـ"اعتماد مواقف مشتركة في الهيئات الأوروبية"، محذرًا بأن "الالتصاق بألمانيا في مطلق الظروف، هذا ما يقوم به ماكرون منذ بداية ولايته".

وفي ألمانيا، أثارت بعض المخاوف، التي وردت في فرنسا، الذهول، لا سيما حين نقلت صحيفة "فاز" هواجس فرنسيين تساءلوا في الأسابيع الماضية: "هل تكون الألزاس قريبًا ألمانية؟".
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار