الرباط: صادق مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى بالبرلمان) مساء اليوم الإثنين، في جلسة عمومية، على مشروع قانون رقم 33.17 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، وسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة، وذلك في ظل تباين واضح بين مواقف الفرق النيابية حول القانون.
وحظي مشروع القانون بتأييد 160 نائبا برلمانيا معظمهم من حزب العدالة والتنمية ، قائد التحالف الحكومي، فيما صوت ضد القانون 53 نائبا برلمانيا جلهم من حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، في الوقت الذي امتنع عن التصويت 29 نائبا، يمثلون حزب الاستقلال.
وقال عبد اللطيف وهبي، في مرافعة قوية باسم الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، "في يوم حزين مثل هذا اليوم، شعرنا أن هناك محاولة لفصل وتفكيك مبدأ الوحدة القضائية وأصبحنا أمام سلطتين، سلطة الاتهام وسلطك القضاء الجالس"، مؤكدا أن النيابة العامة "إن كانت مستقلة فيجب أن تكون تحت الرقابة".
وأضاف وهبي أن البرلمان بهذا التصويت "سيجعل جهازا يملك الكثير من السلطات خارج كل مراقبة"، مسجلا أن وزير العدل والحريات السابق، مصطفى الرميد، "سبق له أن أكد أن الحكومة ملتزمة بوحدة السلطة القضائية، وأن النيابة العامة جزء لا يتجزأ من هذه السلطة القضائية، قبل أن تخرج هذه الفكرة العبقرية في هذا اليوم الحزين، حيث أصبح هذا الجهاز الذي له حق المنع من السفر والاعتقال وتفتيش البيوت خارج أي رقابة وخارج أي محاسبة".
وزاد الرئيس السابق لفريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب قائلا: "لا توجد نيابة عامة في العالم لها هذه الاستقلالية، لأنها سلطة لها القمع المشروع"، وأضاف "لهذا يجب أن تكون محاسبة ومراقبة، ويؤسفني أن أقول لكم إن هذه السلطات تنتقل إلى مسؤولين لا رقيب عليهم والمغاربة سيكونون رهينة نيابة عامة لا يحميهم منها أحد"، وذلك في تعبير واضح منه على تخوفات من الوضع الجديد للنيابة العامة.
وأبرز وهبي ، الذي أكد أن حزبه يعارض هذا القانون، وقال "بهذا القانون لم نمنح الاستقلالية للنيابة العامة فحسب، بل حولناها إلى جهاز متغول غير مراقب".
ولم يسلم نواب حزب العدالة والتنمية من انتقادات وهبي، الذي قال ساخرا "إن المغاربةو التاريخ سيسجلون أن الأغلبية الناصحة والراشدة قبلت بهذا القانون وصوتت عليه، وسيسجل التاريخ والمغاربة أنها تركت سلطة كبيرة من دون رقابة"، وزاد منتقدا "سيسجل التاريخ والمغاربة أن الأغلبية سكتت على خرق الدستور والقانون التنظيمي المتعلق بالسلطة القضائية، وسيسجل أن الأغلبية ارتكبت خطأ كبيرا في حق هذه الأمة".
واعتبر وهبي أن هذا القانون وضع أحزاب الغالبية في "مأزق حقيقي"، حيث إن "بعضها وقع على التعديلات المشتركة قبل أن يسحبها، والبعض الآخر انسحب من توقيعات، وآخرون سحبوا التعديلات في منتصف الطريق"، وذلك في إشارة منه الى المواقف المتناقضة التي عبرت عنها فرق أحزاب الغالبية إزاء التعديلات التي قدمتها حول القانون.
واسترسل المتحدث ذاته قائلا: "كنا نتمنى من الأغلبية الراشدة والناصحة أن تكون في الموعد، مع هذه اللحظة التاريخية في موضوع وطني، كان يجب أن ينال حضورنا جميعا وتصوراتنا جميعا، غير أننا كمشرعين ارتكبنا خطأ سياسيا بمصادقتنا على هذا القانون، إذ ماذا سنراقب غدا بعد هذه الاستقلالية المطلقة".
وذهب وهبي في كلمته إلى أن منح سلطة خارج المراقبة الكثير من السلطات "فيه مجازفة بهذه السلطات ومجازفة بحقوق وحريات المغاربة"، محذرا من أن المصادقة على هذا القانون في غياب المسطرة الجنائية الجديدة، سيجعلنا أمام مشاكل عدة ستجد الدولة نفسها في مواجهتها مع بداية العمل بهذا القانون".
وكشف وهبي أن فريق الأصالة والمعاصرة يعتزم تقديم طعن في هذا القانون أمام المحكمة الدستورية، معربا عن أمله في "انخراط النواب في هذه المبادرة والقبول بالتوقيع مع نواب حزب الأصالة والمعاصرة لضمان النصاب القانوني لذلك"، الأمر الذي يمكن ان يلقى قبولا واستجابة من طرف عدد من نواب حزب العدالة والتنمية الذين بدوا غاضبين من تمرير القانون، الذي لم يعكس طموحات الحزب وفريقه النيابي.